انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/48

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٣٢
التذكار

الناس، وخربت البلاد وانتقل كثير من أهلها إلى بلاد بني حماد لكونها جبالاً وعرة يمكن الامتناع بها من الغرب، فسرت بلادهم، وكثرتْ أموالهم، وبقيت في نفوسهم الضغأن من باديس ومن بعده من أولاده يرثها صغير عن كبير الى أن ولى تميم الأمر بعد أبيه فاستبد كل من هو ببلد أو قلعة من عمالهم بمكانه و تميم يداري ويتجلد واتصل به أن الناصر بن عَلَّناس يقع فيه في مجلسه و يذمه، وانه عزم على المسير فيحاصره في المهدية، وانه حالف بعض صنهاجة وزناتة وبني هلال ليعينوه على حصار المهدية. فلما صح ذلك عنده أرسل إلى أمراء بني رياح فأحضرهم اليه وقال: « أنتم تعلمون أن المهدية حصن منيع أكثره في البحر، لا يقابل منه في البر غير أربعة أبراج يحميها أربعون رجلا، وإنما جمع الناصر هذه العساكر ليسير اليكم، فقالوا له: الذي تقول حق، ونريد منك المعونة، فأعطاهم المال والسلاح من السيوف والرماح والفرق، فجمعوا قومهم وتحالفوا على لقاء الناصر، وأرسلوا إلى من مع الناصر من بني هلال يقبحون عندهم مساعدتهم للناصر ويخوفونهم منه أن قوى، وأنه يهلكهم بمن معه من زناتة وصنهاجة، وانه انما يستمر لهم المقام والاستيلاء على البلاد ان دام الخلف وضعفُ السلطان. فأجابهم بنو هلال إلى الموافقة، وقالوا اجعلوا أول حملة تحملونها علينا ونحن ننهزم بالناس، ويكون لنا ثلث الغنيمة، فأجابوهم الى ذلك واستقر الأمر. وأرسل المعز بن زيرى الزناتي إلى من مع الناصر من زنانة بنحو ذلك، فوعدوه أيضا أن ينهزموا. فحينئذ رحلت رياح وزناتة جميعها وسار اليهم الناصر بصنهاجة وزناتة وبني هلال فالتقت المساكر بمدينة سبيبة١ فحملت رياح على بني هلال، وحمل المعز على زناتة الطائفتان وتبعهم عسكر الناصر منهزماً. ووقع فيهم القتل، فقتل فيمن قتل القاسم بن علناس أخو الناصر. وكان مبلغ من قتل من صنهاجة وزناتة أربعة وعشرين أَلفاً، وسلم الناصر في نفر يسير، وغنمت العرب جميع ما كان في العسكر

  1. سبية: ناحية من اصال القيروان، واليها ينسب لبو عبد الله محمد بن ابرهيم الديبي خطيب المهدية