انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/228

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١٤
التذكار

بالزيادة في العطاء، وعمل بمقتضي الأبيات التي كنت أنشدتها حين توجهي وهي هذه :

جئناك للفضل فأفسح يا أخاه
ولا تدع من الفضل شيئاً للذي جاكا
هذا ابن غلبون من عودته كرما
لدفع حادثة قد جاء يرجاكا
حلت به من عديم الذوق يحسبه
من لم يخالطه انسانا ولا ذاكا
خاطبته بكتاب فيه مطلب ما
ألفاظة عذبة شيمت بمعناكا
وقلت ان الذي للعلم نسبته
ومن يليه فلا تطاه خفاکا
فخالف الأمر فيه بالاداء له
وأنت تعلم من يؤذيه آذاكا
ترید اعزازه وهو يريد له
ذلا فينئذ في الملك ضاهاكا
بل استقل به لو كان شارككم
لكان في بعض ما قد قلت راعاكا
ان تكفناه كفاك الله شر لظى
وكان في جنة الفردوس مأواكا

فلما بلغته الأبيات رفع يده عن العمل وأكرم مثوانا. وهذا العامل وإضرابه في الشكل والعقل أحدى المعائب التي يعدها العقلاء على أمير المؤمنين ما يشاهدون من جماله ولطيف شمائله وسليم طبعه، وزائد دهائه، وهم على الضد من ذلك: من بقاء طبع ومنكر فعل وعدم تمييز فيا يصدر من لفظ ودراية بالسياسة كأنهم أصل البداوة ومنهم تفرعت، وما دروا أنه لا يقدمهم اختياراً ولكن لغلبة الحياء عليه وتصلبهم واستشفاعهم بمن لا يسعه رد شفاعته من قديم أو وزير فيوليهم رعياً للغير وهو مضطرب، ولو خلى ونفسه لتنزه عن النظر اليهم فضلا عن خطابهم أو يصفى اليهم بإذن أو يلون عمله. « والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون »