خلق لا يحصون كثرة، وتقوى ظنهم فى أنهم يمتلكون وتوجهوا حتى نزلوا تاجوراء وفر منهم حسن الصغير في شرذمة الى الحضرة وخرجت لهم خيل أمير المؤمنين فأخذت منهم شيئاً كثيراً، وعفا عن أصابه منهم إلا القليل، وتفرقوا في البوادي يحمون رؤوسهم، فكاتبهم بالامان الا رئيسي الثورة: علي بن خليل والترياقي، فتوجه على بن خليل إلى مصر، وبقي الترياقي بالاعراب يتقلب في البراري. فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين - ونحن يومئذ بمصر بالجامع الأزهر قدم كتاب من الحضرة بتأمين على ان قدم تائباً، فشكرنا عفوه وقدمنا على الحضرة. فلما نزلنا «التميمي» أحساء ماء عذب ببطن وأد يبعد عن درنة مسير يوم - أخبرنا أن محمداً الملقب «جانم خوجه» أتى مطروداً من الحضرة السلطانية الأحمدية ونزل على بنغازي وبايعه كبراء الاعراب: عبد الله أبو طرطور الجبالي، وصالح بن سليمان، وسليم بن جليد بن موسی وسار كبراء أعراب الجبل وبرقة، ووافقهم أهل البلد. وكان صحبتنا في الركب الحاج على الماعزي وعلى ابن خليل، فوافينا جماعة من الجند كان أرسلهم أمير المؤمنين في بعض السفن فظفر بهم جانم خوجه، وكنا أردنا الاقامة بالجبل لزيارة رويفع بن ثابت بن السكن الانصاري التجارى صاحب رسول اللهﷺ. فلما وجدناه بها عجلنا الى الحضرة فأخذنا من وجدناه من جندها، ورحلناهم وزودناهم - وسرنا حتى انتهينا إلى «المنعم» - أحساء ماء عذب شرقي مدفع١ وادي الكبريت، - فرأينا جند أمير المؤمنين به وكبيره يومئذ ابراهيم تابعه متوجها إلى لقاء جانم خوجه ومن معه، ونأول أمير الحج كتابا من أمير المؤمنين بالتحجير على بيع الخيل لغير الجند، فناولنيه أمير الحاج فقرأته وشكرنا الله على العافية. ونادى أمير الحاج في الناس: من باع فرساً لغير الجند فلا يلومن إلا نفسه، وكان بيدى
- ↑ يستعمل الطرابلسيون كلمة مدفع الوادي، ودفعه ومصبه في الموضع الذى ينتهي اليه جريانه، ويركد فيه.