ولاية أحمد القرمنلي ۱۹۳ و دفع له كتاب الجند وأهل البلاد، وعرفه ما كان عليه خليل المذكور من الفساد وانه أضر بالرعايا كل الاضرار ، وسام الاكابر والاصاغر الخسف والذل والاحتقار، وتحقق أن ما ذكره له من موافقة أهل البلاد له ومظاهرتهم أياء شيء باطل وأمر لم يحصل منه على طائل. وكانت عادة البلاد قديما يأتيها على رأس كل سنة باشا من قبل السلطان ، تقدم يوم الاحد لأربع يقين من جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين ومائة و ألف محمد رايس المنقب : « جاتم خوجه » باشا من قبل السلطان أحمد ، فأكرمه اجلالا لهيبة مرحله ووجهه اليه بعد انقضاء مدته معززاً مكرماً . وفي سنة خمس وعشرين ومائة وألف أواسط شعبان تاق أهل تاجوراء للخلاف واستدعوا له غوغاء من أهل ترهونة وبعض أولاد حميد بن جارية، وسرى بهم طيف الخيال . فلما بأن له منهم ذلك جند مرتزقة وخيم في رياض سكرة (1) وأظهر أنه بريد غريان لو ميض نار خلافها، وراصل عامل تاجوراء ليبعث اليه مالتي رام من رمانها بسلاحهم فاحضرهم ، و شمخت بذلك نفوسهم وظنوا عجزه عن اقامة الملك بدونهم ، وواعدهم وقتا يلاقونه خارج بلدهم فضلوا فلما التقى بهم أمر بأخذ سلاحهم وأيقافهم ، وفرقهم في خيام الجند و قدم البلد وخيم بقلعتها ، وأغرمهم من المال ما أتقلهم أداؤه وارتحل عنها ، وولى تفريتهم ذلك صاحب خيله أخاه لأمه الحاج شعبان بك بن يوسف، فلما كان التاسع والعشرون من الشهر المذكور من السنة المذكورة أجمعوا أمرهم ومن وافقهم و هجموا عليه بالقلعة يريدون قتله ، وكان معه طائفة من الجند فامتنع مهنم حتى تمكن من القلعة وحاصروه بها ورموه بالحجارة وامتنعوا من الاداء ، وبلغ خبر (1) موضع بالنشية جنوب مدينة طرابلس فيه من انواع الاشجار مايندر وجوده في غيره ، وفيه بساتين
غناء ومناقر تشرح الصدر ، وفيه من سيد أنواع الثمار والظلال الوارفة ما استحق ان يسمى به ، سكرة.