انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/101

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
ولاية عبد المؤمن بن علي
٨٥

وتبعهم العرب الى أن وصلوا إلى أرض سطيف بين جبال. فحمل عليهم عسكر عبد المؤمن فجأة و العرب على غير أهبة، فالتقى الجمعان واقتتلوا أشد قتال وأعظمه، فانجلت المعركة عن انهزام العرب ونصرة الموحدين، وترك العرب جميع مالهم من أهل و أثاث ومال. وأخذ الموحدون جميع ذلك، وعاد الجيش إلى عبد المؤمن بجميعه فقسم جميع الأموال على عسكره وترك النساء والأولاد تحت الاحتياط، ووكل بهم من الخدم والخصيان من يخدمهم ويقوم بحوائجهم وأمر صبيانهم. فلما وصلوا معه الى مراكش أنزلهم في الاماكن الفسيحة، وأجرى لهم النفقات الواسعة وأمر ابنه محمداً أن يكاتب أمراء العرب وأن يعلمهم أن نساءهم وأولادهم تحت الحفظ والصيانة، وأمرهم أن يحضروا ليسلم اليهم أبوه ذلك جميعه، و أنه قد بذل له الأمان والكرامة، فلما وصل كتاب محمد إلى العرب سارعوا الى مراكش، فلما وصلوا اليها أعطاهم عبد المؤمن نساءهم وأولادهم وأحسن اليهم وأعطاهم أموالا جزيلة، فاسترق قلوبهم بذلك وأقاموا عنده وكان بيهم حفيا، واستعان بهم على ولاية ابنه محمد، وكانت بيعة محمد سنة أحدى وخمسين وخمسمائة

و فعل لذلك عبد المؤمن حيلة عظيمة، وذلك أن الأمر كان بيد عبد المؤمن وعمرالهنتاتي يلي الأمر من بعده، فلما تمكن عبد المؤمن من الملك وكثر أولاده أحب أن ينتقل الملك اليهم، فلما حضر أمراء العرب من هلال، وزعب، وعدي وغيرهم اليه، ووصلهم وأحسن اليهم، ووضع عليهم من يقول لهم: أطلبوا من عبد المؤمن وقولوا له: نريد أن تجعل لنا ولي عهد من ولدك ترجع اليه الناس بعدك، ففعلوا ذلك، فلم يجبهم اكراما لعمر الهنتاني لعلو منزلته في الموحدين، و قال لهم: أن الأمر لأبي حفص عمر، فلما علم عمر بذلك خاف على نفسه، فحضر الى عند عبد المؤمن وأجاب الى خلع نفسه، فحينئذ بويع لمحمد بولاية العهد وكتب إلى جميع بلاده بذلك، وخطب له في جميعها، وأخرج عبد المؤمن في ذلك اليوم