انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ الدولة السعودية المجلد الأول (1964) أمين سعيد.pdf/22

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

العباسيون يأتون الحجاز من الشمال بطريق حائل، أما الأمويون فكانوا يغدون من الجنوب بطريق البلقاء وتبوك، وكانوا كالأمويين يوزعون الهبات والعطايا على المغنين والمرتزقة، على أن ورودهم انقطع منذ أواسط القرن الثالث (هـ) أي منذ سرى الضعف إلى جسم الدولة مما أطمع فيها ولاتها وحكامها، فصاروا يستقلون بالحكم مع احتفاظهم بسيادة اسمية للخليفة القابع في قصره، القانع بما يرسل إليه.

واغتنم الشريف أبو محمد الموسوي، فرصة هذا الضعف فأنشأ في مكة في القرن الرابع (هـ) شبه حكم مستقل شمل معظم أنحاء الحجاز وكان النواة الأولى لحكم الأشراف الهاشميين مع خضوع اسمي السلاطين القاهرة، أيوبيين ومماليك وأتراك.

وأوفد الشريف بركات نجله إلى القاهرة في سنة ٩٢٣ يحمل بيعته إلى السلطان سليم العثماني حينما بلغها، وأرسل معه مفاتيح الكعبة علامة الخضوع والاستلام وأرسل إليه يقول أنه خطب باسمه على منبر البيت الحرام، فسر السلطان وأبلغه بأنه أقره فيما كان عليه.

على أن الحكم العثماني الجديد، اتجه في العصور الحديثة، وبعد أن استقرت قواعده، ورسخت أركانه، إلى تقليم أظافر الأشراف حكام الحجاز والحد من سلطانهم، فصار يرسل إلى مكة والياً يمثل السلطان إلى جانب قائد عسكري برتبة «باشا» لقيادة الفرقة العسكرية التي جعلوا مكة قاعدة لها توطيداً لنفوذه، وكان هنالك «محافظ» تركي يقيم في المدينة المنورة، وكانت أيضاً قاعدة الفرقة عسكرية تركية، مع قائم مقام تركي يتولى الحكم في جدة، وآخر في الطائف وثالث في ينبع. وهكذا ضمن الترك السيطرة على مدن الحجاز الكبرى وحواضره، أما البوادي فتركوا أمرها للأشراف يقومون على إدارتها أي ادارة القبائل العربية، على أنهم ما كانوا يتأخرون عن التدخل في جميع الأمور عند الحاجة، والوقوف في طريق الأشراف مما كان يسبب كثيراً من

– ۲۲ –