انتقل إلى المحتوى

صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/18

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٣٢
بشير بين السلطان والعزيز

بتطييب خاطر الأمير بشير الشهابي»1

واتخذ العزيز من تردد الدروز في أمر التجنيد عذراً لتجريدهم من السلاح فأصر ابنه إبراهيم بوجوب جمعه منهم. وقام إبراهيم يستغرب ما سبق من إعفائهم فذكره والـده أن إعفاءهم إنما كان لما أسدوه من عضد وعون حينها كان بر الشام كله ثائراً وإن الشهابي الكبير أمير الدروز خفَّ على الرغم من شيخوخته وزحف على صفد ابتغاء نيل الرضى. فلو همَّ الجناب العالي حينذاك بتجريد الدروز من السلاح لكان ذلك سبباً لعصيانهم. ولو جردوا وهم في خدمتهم في جبال النصيريين لاستوى العاصي والمطيع وأصبحت أعمال الجناب العالي مخالفة لأسس السياسة منافية للإنسانية. أما تجريدهم بعد أن خالفوا أمر التجنيد فإنه جاء مشروعاً مانعاً للألسن من الاندفاع في القيل والقال. ثم حكى العزيز لابنه كيف كتب قنصل الإنكليز إلى بوغوص بك بشأن الدروز وكيف جاءه بوغوص في شبرا فأبلغه أن القنصل يری عدم اغتصاب الدروز ما داموا قائمين في الخدمة في وقت فشا فيه العصيان وكيف أجابه الجناب العالي قائلاً لقد آن الأوان يا بوغوص لدك جبل الدروز دكاً حتى يعود قاعاً بلقعاً. واستدل الجناب العالي بما تقدم على أن لكل أمر وقتاً هو به رهين وعلى أن التجريد آنئذٍ لن يكون من ورائه لوم لائم. ثم أمر العزيز ابنه أن يسارع إلى درس قضية جبل الدروز على ضوء تقارير بحري بك والأمير بشير وأن يتخذ التدابير اللازمة لجمع السلاح من سكان الجبل2. فوافق السرعسكر على نزع السلاح وعلى التجنيد أيضاً ولكنه لم يقبل القول «أنهم ساعدونا في نابلس وإن القضية تقضي علينا بكذا وكذا» وأشار إلى أنه في أوروبة نفسها «لا يوجد إنسانية ولا يعمل إلا بموجب المصلحة» ورأى أن يؤجل جمع السلاح بعض الوقت إذ لم يكن لديه من رجاله الذين يعتمد عليهم من يمكنه الإشراف على هذا العمل آنئذٍ3.

وفي الرابع عشر من تموز سنة ١٨٣٥ عاد العزيز فكتب مرة ثانية إلى ابنه يوجب عليه الزحف على الدروز بجميع قواته «لعلهم يعقلون فإن قضي الأمر كان به وإلا فالحرب فعلاً»4.


  1. محمد شريف باشا إلى سامي بك ومحمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ۳ ص ۱۰ و١٦ و٢٤
  2. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا ۱۸ صفر سنة ١٢٥١ (١٦ حزيران سنة ١٨٣٠): المحفوظات ج ۳ ص ۱۹
  3. إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ٢٧ صفر سنة ١٢٥١ (۲۰ حزيران سنة ١٨٣٠): المحفوظات نفسها ج ۳ ص ٢٤
  4. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ۳ ص ۲۹