انتقل إلى المحتوى

صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٢١
الفصل الرابع عشر: الجلاء

إلى غزة فالعريش والمدفعية بقيادة سليمان باشا الفرنساوي في طريق الحج إلى معان ومنها إلى العقبة فالسويس وتولى هو جنود الحرس والخيالة غير النظاميين واتجه نحو غزة ليبحر منها إلى مصر. وسارت جميع هذه الفرق إلى شرقي الأردن فلم يتسن ليقموس مناوشتها. فأحمد منكلي باشا قام من المزيريب إلى حسبان فذيبان فالكرك فبوغاز الجزيرة فتل الملح فغزة. وكانت طريقه هذه صعبة قليلة الزاد والماء ففقد من جنوده عدداً كبيراً ولا سيما في مستنقعات بحر الميت واضطر بعضهم إلى أكل لحوم الحيوانات الميتة وأعشاب البرية، وأخيراً وصلوا إلى غرة في الحادي والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين من كانون الثاني1. أما سليمان باشا فإنه كان أسعد حظاً ذلك أنه لم يصادف أية عقبة من هذا النوع فبلغ معان وفير المؤونة وكان أهلها لا يزالون على ولائهم للحكومة المصرية فاستراح فيها خمسة أيام وقام منها إلى العقبة ولكنه لم يحسن تقدير ما يحتاج إليه من الماء والزاد في هذه المرحلة ففقـد ألفاً وخمس مئة جندي من مجموع تسعة آلاف وأوصل إلى القاهرة مئة وخمسين مدفعاً من مئتين على وجه التقريب2. وقام إبراهيم باشا من المزيريب إلى السلط فضرب العربان الممتنعين في قلعتها وكانت البلدة خالية من الغذاء فخرج منها في اليوم التالي واتجه نحو أريحا مهدداً القدس لأنه كان قد علم أن يوقموس عول على مهاجمة غزة وعلى البطش بحاميتها المصرية والاستيلاء على شونها ومستودعاتها. فلما اجتاز إبراهيم الأردن إلى ضفته الغربية عند أريحا توهم يوقموس أنه زاحف على القدس فارتد من غزة نحو تلك للدفاع عنها. وعاد إبراهيم إلى شرقي الأردن متجهاً نحو الجنوب فلما بلغ الكرك مكث فيها أربعة أيام حاول في أثنائها أن يجد ما يعوزه من الزاد فلم يفلح لشدة عداء أهلها. وعندئذ قام منها إلى الطفيلة فوجد ماءً كثيراً ولكنه لم يغنم بالقوت المطلوب وهكذا فإن وطأة الجوع أخذت تشتد يوماً فيوماً وقام عربان المنطقة بمناوشته وما فتئوا حتى وصل إلى غزة في الحادي والثلاثين من كانون الثاني من السنة ١٨٤١3.

وكتب بشير الثالث إلى رجاله في ضواحي دمشق أن يوافوه إلى مرجعيون ففعلوا وقاموا جميعاً إلى بلاد بشارة إلى قرية ميس ومنها إلى صفد ثم إلى يافة. وفي أثناء ذلك كان العزيز سمح للشيخ نعمان جنبلاط والشيخ عبد السلام والشيخ خطار العماديين والشيخ نصيف


  1. تاريخ حوادث سورية منذ السنة ١٨٤٠ حتى ۱۸۹۲ لاشيل لوران ج ۱ ص ۲۲۸-۲۳۳ راجع أيضاً نابير الحرب في سورية ج ٢ ص ١٦٣
  2. حوادث سورية لاشيل لوران ج ۱ ص ۲۳۳-٢٤١
  3. المؤلف نفسه ج ۱ ص ٢٤١-٢٤٨