انتقل إلى المحتوى

صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٨١
الفصل الرابع: العزيز والسلطان

الانتصارات في نفس كل من قنصل النمسة وقنصل إنكلترة اللذين أخذا يميلان إليه فينقلان أخبار عدوه إليه. لمس فابتهج1.

٤ - موقعة حمص: وكان السردار الأكرم قائد القوات العثمانية لا يزال في قونية عندما تسلم نبأ سقوط عكة، وكانت طلائع جيشه مرابطة في أدنة بقيادة محمد باشا. فنقل إليه هذا خبر عكة واقترح أن يقوم سيده إلى أدنة حالاً وأن يتقدم هو بالطلائع إلى أنطاكية. فوافق السردار وأمر القائد الفتى أن يقوم إلى حماة بعـد أنطاكية ويتحصن فيها، وبدلاً من أن يلتحق هو به بأقصر ما يمكن من الوقت فإنه تباطأ حسب عادته وآثر البقاء في أدنة خمسة عشر يوماً قام بعدها إلى الإسكندرونة. وكان قليل الدراية بالنظم الحربية الجديدة لا يعبأ بها فقلت مؤونة جيشه وعلت أصوات الجنود في طلب القوت واشتد احتكاك الجنود غير النظاميين بالنظاميين فكانت فتنة أودت بحياة الدفتردار والقاضي واضطر السردار أن يفتي بوفاتها قضاء وقدراً من جراء الحميات! ثم ألح القائـد الفتى محمد باشا أن تقوم الطلائع إلى حماة بسرعة وأن ينهض سيده السردار بالجيش إلى أنطاكية ففعـل. وقام الملازم الإفرنسي تفنان معاون محمد باشا يدرس إمكانيات الصمود في حماة فرأى أنها طلقة جدًّا وأن قلعتها بحالة من الاندثار شديدة بحيث لا يمكن ترميمها بوقت قصير فأشار على الباشا بوجوب التقدم إلى حمص والارتكاز عليها نظراً لحالة قلعتها ولكثرة جنائنها ومرور العاصي بها مما يعاون في الدفاع. فقام الباشا بالطلائع إلى حمص ووصلها في السابع من تموز سنة ١٨٣٢ فاستقبله محمد باشا والي حلب استقبالاً فخماً وأقام الولائم على شرفه وبات تلك الليلة مطمئناً ظاناً أن الخصم لا يزال على بعد يومين عنه وكانت ـمتعة الطلائع لا تزال في طريقها إلى حمص فأمسى الجنود دون أي مأوى أو طعام وحبوا إلى أسواق حمص يطلبون ما يأكلون. ومما زاد في الطين بلة تفشي الهواء الأصفر بالمدن الشمالية بأسرها من حلب وأنطاكية حتى حمص!2

وكانت ميمنة الجيش المصري قد تحركت بقيادة القائد الأعلى في الثاني من تموز فقامت من دمشق طالبة حمص عن طريق القطيفة والنبك وحسيا تؤازرها قوة لبنانية بقيادة بشير الثاني نفسه. وقامت في الوقت نفسه ميسرة الجيش بقيادة حسن المناستولي من طرابلس إلى


  1. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا ۲۹ محرم سنة ١٣٦٨ (تموز ١٨٣٢): المحفوظات ج۳ ص ۳۳
  2. کادالغان وبارو ص ۱٥۹-۱۷۳ راجع أيضاً أراء الجنرال ويغان في هذا كله ج٢ ص ٣٤-٣٨ ومعظمه مأخوذ من المصدر الأول

بشير بين السلطان والعزيز - ٦