انتقل إلى المحتوى

صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٨
بشير بين السلطان والعزيز

وتشير بعض المراجع غير الرسمية إلى عوامل أخرى عاونت على تأزم العلاقات بين العزيز وبين عبدالله باشا منها أن عبدالله باشا استدان من العزيز مبلغاً كبيراً من المال عند حلول غضب السلطان عليه سنة ١٨٢٣ وأن هذا الدين بلغ ٧٥٠٠٠٠ من الفرنكات الإفرنسية وأن العزيز طالبه به مراراً فلم يلق منه سوى الماطلة والتسويف1. ومنها أيضا أن الباشا الشاب لم يصن لسانه عن القذف بحق العزيز مدعياً أنه ثاثر خارج عن طاعة السلطان2. ومنها أيضاً أن عكة أصبحت قبيل الحرب الشامية الأولى مركزاً للتآمر على سلامة العزيز وسلامة ابنه إبراهيم3. ومنها كذلك قول قنصل فرنسة العام في الإسكندرية المسيو ميمو أن العزيز طمع بصندوق عبدالله باشا وما حواه من المال وأن المال المخزون في هـذا الصندوق بلغ ثلاثين مليوناً من الفرنكات الإفرنسية وأن الاستيلاء عليه كان من أهم أهداف الحملة على الشام4.

حيطة العزيز

واحتاط العزيز في أمره فشاور صديقه قنصل فرنسه العام في الإسكندرية قبل بدء القتال ببضعة أشهر وألح عليه بوجوب إرسال أحد معاونيه في القنصلية إلى باريز ليطلع الحكومة الفرنسية على ما ينوى العزيز أن يقوم به ويطلب موافقتها ومعونتها لدى المحافل البريطانية التي ما فتئت تنظر إليه بشيء من الريبة والتحفظ. وما أن أشار القنصل إلى اعتدال العزيز وتسامحه في إدارة كريت حتى قال العزيز ألم تر كيف أكرمت رئيس أساقفتها فقدمته على فقهانها وخلعتُ عليه فروة ورفعت عنه وعن ذويه ما كان يثقل كاهلهم من الضرائب؟ ثم أضاف وسينال نصارى الشام من الاستقلال والسعادة ما لم يروه من قبل وسيقرعون أجراسهم متى شاؤوا. أكدوا لحكومتكم ولمواطنيكم تحرري في هذه الأمور5.

ولقد أصاب العزيز عندما طلب إلى الحكومة الفرنسية أن تعاونه لدى المحافل البريطانية


  1. كادالغان وبارو: الحرب الشامية الأولى ص ٣٤
  2. راجع مثلاً بيان عبدالله باشا إلى أرباب الأمر والنهي في القدس ۲۹ جمادى الأولى سنة ١٣٤٧ (۱۸۳۱) في كتابنا الأصول العربية الخ ج١ ص ٦٤-٦٧
  3. كادالفان وبارو: المؤلف نفسه ص ٤١
  4. ميمو إلى سباستياني ١٩ أيار سنة ١٨٣١: الحرب الشامية الأولى لجورج دوان ج۱ ص ۳۱-٣٢. اطلب أيضاً المحررات الإيطالية السياسية لأنجلو سمارکو ج٨ ص ١٣٥ راجع أيضاً كتابنا أسباب الحملة المصرية ص ۲۸-۳۰
  5. ميمو إلى سباستياني: المذكرة نفسها المشار إليها آنفاً.