انتقل إلى المحتوى

صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٨
بشير بين السلطان والعزيز

في قصر عابدين وقد كتبت باللغة العربية. وإليك بعض ما جاء فيها: «غب إبلاغ الدعاء التام بالمبادي والختام والتوصل إلى حضرة باري الأنام بدوام بقاء وجودكم وقهر عدوكم وحسودكم وحفظكم على الدوام ملحوظين ومكلونين بعين عنايته تعالى التي لا تغفـل ولا تنام. وأن تموج بحر الخاطر العاطر ولاح في مخيلة الفكر الزاهر السؤال عن حال ولدكم هذا فإنه بحمده تعالى وحسن أنفاسكم الطاهرة حائراً مرتبتي الصحة والعافية والمنحة الوافية سايلاً جوده جل جلاله وعم نواله دوام بقـاء دولتكم وخلود مهابة صولتكم وبلوغكم في الدارين أقصى مرامكم وبغيتكم». ثم يشير عبدالله باشا إلى عريضة سابقة حملها إلى أحد أتباعه وإلى عودة كتخداه من مصر يحيطه علماً «بما انعطفت به مکارمكم الملوكانية من المجابرة والتلطف لولدكم والوعد التكريم الذي فاضت به أبحار حلمكم بإلقـاء أنظار المساعدة والإمداد والتفات العناية لنحونا» إلى أن يقول «وأكدنا لدى عاطفتكم تمسكنا بجبال حكمكم وكرمكم واتخاذكم بعد الله ملجأ وطيد وعضداً أكيد في ساير أمورنا وإن ما لنا تعلق ولا أمل في مخلوق في العالم سوى في مراحمكم. ثم وضحنا لدولتكم كيفية أحوالنا بالتفصيل ورجونا حلمكم العميم الإسعاف والإمداد مما يثبت ويقوي أمورنا». ثم ينهي رسالته هذه بقوله: «وهذه كيفية الأحوال الواقعة أعرضناها بحروفها لدى سدة عنايتكم لكي يكون معلوم دولتكم حيث كرمتم بالتعريف لولدكم مع عبدكم كتخدانا بأن في كل جمعة نرسل نعرض أحوالنا لديكم مرتين. وعلى كل حال نحن ما لنا شيء وسعادتكم بالوجود فالبلاد بلادكم والقلعة قلعتكم والعيلة جميعها عيلتكم»1. وحاول الباشا الشاب بعد ثمانية أيام أن يستدرج نابغة عصره إلى الدخول في المعمعة فكتب له قائلاً: «وحيث ما بقي عند ولدكم عساكر خيل التي ندافع بها الأعداء في الخارج لكي تنكسر عين الموجودين عندنا بالقلعة وبحسب همم دولتكم العالية العلية فمادتنا ما هي شيء. ولا تعد من الأمور الجسيمة التي تعظم على سعادتكم حيث من كرم الباري همكم وسطوتكم تزعزع الجبال وترهب الأقطار. فإذا كرمتم وحلمتم بإرسال أقلما يكون خمسماية خيال جانب البر فهم كفاية إلى تفكيك الأمور وثبات أمورنا جميعها داخلاً وخارجاً كون كما أعرضنا شهرة عنايتكم وسطوة شاهانتكم القوية ترتعد منها الأقطار. فبمجرد الاستماع بورود الخيل من جانب ملوكانيتكم يستولي القلق والاضطراب إلى الجميع وتلين عريكة العساكر الموجودة عندنا داخل القلعة ويستمروا ثابتين بخدامتنا ويتشدد عزمنا وبأسنا»2.


  1. المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٣٣-٣٤
  2. عبدالله باشا إلى محمد علي باشا ٢٥ ذي القعدة سنة ١٣٣٧: المحفوظات الملكية المصرية ج ۱ ص۳۷-۳۸