انتقل إلى المحتوى

صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

استمرّ متقطعاً ما دامت الامبراطورية الرومانية. ومن هنا قول ماكروبوس الفيلسوف السياسي الذي عاش في القرن الخامس بعد الميلاد: «عبيدنا اعداؤنا». وكان كلما صرع سيد بيد مجهولة اتهم بقتله ارقاؤه وقاسوا من جراء ذلك شتى الوان العذاب، وربما فقدوا الحياة.

ولا يخفى ان رومة ميزت في شرائعها بين فصيلتين من الرقيق: ارقاء الارياف، وارقاء المدن.1 وكان هؤلاء يشملون في عدادهم الخدم والحشم والاطباء والاساتذة ورجال الفن والقلم وحاشية الاباطرة وكبار الرجال في السياسة والحرب. ولما كان الجهاز الاداري مربوطاً بشخص الامبراطور فانه اصبح منذ عهد كلوديوس يعج بهؤلاء الارقاء من رجال الاباطرة. بيد ان الارقاء لم ينظموا صفوفهم ولم يكن لديهم في وقت من الاوقات برنامج سياسي معين يسعون لتحقيقه. وجل ما بلغوا اليه انهم كرهوا اسيادهم، وثاروا في وجههم، وتمنوا زوال نعمتهم وذلك بحركات متفرقة في غالب الاحيان.

تأَخر الصناعة والتجارة: وأَدى توسع رومة في الشمال والجنوب والشرق والغرب الى توسع مماثل في افق ابنائها العاملين في حقلي الصناعة والتجارة. فخرجوا من ايطالية إلى الولايات الجديدة يوظفون اموالهم فيها. وقام من ابناء هذه الولايات نفسها، ولا سيما الشرقية منها، من شاطر هؤلاء عملهم وانتاجهم. فنشطت الزراعة والصناعة والتجارة في الولايات، واخذت آسية الصغرى مثلًا تصدر ذرتها وخمرها وسمكها المجفف ومنسوجاتها الصوفية وصباغها الارجواني. وعاد زجاج الساحل اللبناني الى سابق تفوقه، ومثله كتان هذا الساحل وحريره وصوفه المصبوغ. وعادت الجاليات اللبنانية السورية الى سابق عهدها في الغرب توزع بضاعة البلد الام في ايطالية

  1. Familia Rustica, Familia Urbana.
١١