انتقل إلى المحتوى

صفحة:الروض العاطر في نزهة الخاطر.pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

‫اعلم يرحمك االله أن الحيوان لها أيور كأيور الرجال فلذي الحوافر خلقة عظيمة وهى الخيـل والبغـال‬ ‫والحمير وذوى الأخفاف وهى الجمال وذوى الأظلاف وهى البقر والعنز و غيرهما ومن الوحوش وهى‬ ‫الأسد والنمر والثعلب والكلب وغير ذلك فأما أيور ذوى الحوافر فهي إحدى عشر فيقال له الغرمـول‬ ‫والكس والفلقا والزيط والهرماق والمنفوخ وأبو دماغ وأبو برنيطة والقنطرة والرزامة وأبو شملة ) وأما‬ ‫ذو الأخفاف فعددها ثمانية( فيقال له‪ :‬المعلم والطويل والسـريطة والمسـتقيم والبرزغـال و المنجـى‬ ‫والشغاف وذليل الافاقة ) وأما ذو الأظلاف خمسة( فالبقر يقال له العصبة والقرفاج والشوال‪ ،‬ورقيـق‬ ‫الرأس والطويل ) وأما الغنم ( فيقال العيسوف ) وأما الأسد وغيره( فيقول لـه‪ :‬الغضـيت والكمـوس‬ ‫والمتمغط وقيل أن الأسد أعرف خلق االله وأبغضهم بأمور النكاح إذا اجتمع باللبؤة ونظر إليها قبـل أن‬ ‫يجامعها فليعلم أنها منكوحة فيشم رائحتها فإن نكحها خنزير يشم رائحته عليها وقيل يشم داءه فيسـخط‬ ‫ويدفع يمينا وشمالا فكل من طريقه يقتله ثم يأتى فتفهم منه أنه عرف ما عملت فتخاف على نفسها منه‬ ‫فتقف له فيأتى ثم يشمها ثانية ويزأر زأرة واحدة فترتعد منها الجبال ثم ينثنى عليهـا فيضـربها بكفـه‬ ‫فيقطع ظهرها وقيل لا أحد أغير منه وأفهم بخلاف غيره من الحيوان وقيل أن الأسد من خادعه بالكلام‬ ‫الجميل انخدع ومن كشف عن عورته حين يلتقى به يذهب عنه ومن نادى باسم دانيال عليه السلام ذهب‬ ‫لأنه عليه السلام أخذ العهد عليه أن من ذكر اسمه لا يضره وقد جرب فصح ‪.‬‬


((‬الباب الحادى عشر فى مكائد النساء ‫))


‫اعلم يرحمك االله أن النساء لهن مكائد كثيرة وكيدهم أعظم من كيد الشيطان قال االله تعالى ) إن كيـدكن‬ ‫عظيم ( وقال تعالى ) إن كيد الشيطان كان ضعيفا( فعظم كيد النساء وضعف كيد الشيطان )حكى (‪ :‬أن‬ ‫رجلا كان يهوى امرأة ذات حسن وجمال أرسل إليها فأبت فشكى وبكى ثم غفل منها وأرسل لها مرارا‬ ‫متعددة فأبت وخسر أموالا كثيره لكى يتصل بها فلم ينل منها شيئا فبقى على ذلك مدة من الزمـان ثـم‬ ‫رفع أمره إلى عجوز واشتكى لها حاله فقالت له‪ :‬أنا أبلغك مرادك منها ثم إنها مشت إليها لكى ترودها‬ ‫فلما وصلت الى المكان قالوا لها الجيران إنك لا تطيقين الدخول لدارها لأن هناك كلبة لا تترك أحـدا‬ ‫يدخل ولا يخرج خبيثة لا تعض إلا من الرجلين والوجه ففرحت تلك العجوز وقالت ‪ :‬الحاجة تقضى إن‬ ‫شاء االله ثم ذهبت إلى منزلها وصنعت قصعة رقاق ولحما كثيرا ثم أتت إلى تلك الدار فلما رأتها الكلبة‬ ‫قامت لها وقصدتها فأرتها القصعة بما فيها فلما رأت اللحم والرقاق فرحـت بـذلك ورحبـت بـذيلها‬ ‫وخرطومها فقدمت لها القصعة وقالت لها‪ :‬كلى يا أختي فإنى توحشتك ولا عرفت أين أتى بك الـدهر‬ ‫وأنا لى مدة وأنا أفتش عنك فكلى ثم جعلت تمسح على ظهرها وهى تأكل والمرأة صاحبة الدار تنظـر‬ ‫وتتعجب من العجوز ثم قالت لها من أين تعرفين هذه الكلبة فسكتت عنها وهى تبكى وتمسح على ظهر‬ ‫الكلبة فقال لها ‪ :‬أخبرينى يا أمي فقالت لها‪ :‬بنيتى هذه الكلبة كانت صاحبتى وحبيبتي مدة من الـزمن‬ ‫فأتت إليها امرأة و استأذنتها لعرس فلبست هذه الكلبة ما زانها ونزعت ما شانها وكانـت ذات حسـن‬ ‫وجمال ثم خرجت أنا وهى فتعرض لها رجل وراودها عن نفسها فأبت فقال لها‪ :‬إن لم تـاتينى أدع االله‬ ‫أن يمسخك كلبة قالت له‪ :‬أدع بما شئت فدعى عليها ثم جعلت تبكى وتنوح وقيل أنها عملت الفلفل فـى‬ ‫ذلك الطعام فأعجب الكلبة واشتغلت بأكله فلما أحرقها فى فمها دمعت عينا الكلبة فلمـا رأت العجـوز‬ ‫الدموع تسيل من عينيها جعلت تبكى وتنوح ثم قالت لها المرأة وأنا يا أمي أخاف أن يصير لى مثل هذه‬ ‫الكلبة فقالت لها العجوز أعلميني ما ذاك االله يرعاك قالت‪ :‬عشقني رجل مدة من الـزمن ولا أعطيتـه‬ ‫سمعا ولا طاعة حتى نشف ريقه وخسر أموالا كثيرة وأنا أقول له‪ :‬لا أفعل هذا وإنى خائفة يا أمـي أن‬ ‫يدعو على قالت لها العجوز‪ :‬ارفقى بروحك يا بنيتى لئلا ترجعى مثل هذه الكلبة فقالت‪ :‬أين ألقاه وأين‬ ‫أمشى فقالت لها العجوز‪ :‬يا بنيتى أنا أربح ثوابك وأمشى له فقالت لها‪ :‬أسرعى يا أماه قبل أن يـدعو‬