سنة أحدى وسيع مائة توفّى ملك الاندلس ابو عبد الله بن الاسمر وولى بعده ولده محمّد المخلوع فكتب بالبيعة الى امير المسلمين ابى يعقوب وبعث اليه بهدية عظيمة، وتوفى الامير ابو عبد الرحمان بتلمسان الجديدة فحمل الى رباط تازا فدفن بصحن جامعها ، ووفد على أمير المسلمين ابى عبد الله وهو محاصر لمدينة تلمسان وفد اهل الحجاز ورسل الملك الناصر صاحب مصر والشام بهدية عظيمة ووفد عليه رسل ملك أفريقية بهدايا جليلة وبنا تلمسان الجديدة ومدنها وبنا بها الحمامات العظيمة والفناديق والمارستان وجامعا كبيرا للخطبة أقامة على الصهريج الكبير وبنا به منارا عظيما وجعل على رأسه تفافيحا من الذهب بسبع مائة دينار ذهباً ، وأمر صلحاء المغرب بالمشى الى الحجاز وبعث معهم مصحفا مكلّلا بالجوهر والياقوت اهداه إلى الكعبة وبعث اموالا كثيرة برسم التفريق على أهل مكّة والمدينة وبعث الى الملك الناصر باربع مائة جواد من عتاق الخيل بجهازاتها برسم الجهاد، وأضعف اهل تلمسان حتى أشرفوا على الهلاك، وغدر أهل الاندلس باهل سبتة في السابع والعشرين من شهر شوال من سنة خمس وسبع مائة وكان قد فسد حال اهلها عند أمير المسلمين إبى يعقوب وقطع عنهم جميع المرافق وغدر بها الرئيس أبو سعيد فدخلها وملكها وتقف بها بنى العزفى وحملهم الى الاندلس واحتوى على جميع أموالها فاتّصل خبرها بامير المسلمين ابى يعقوب أن الرئيس أبا سعيد قد تملكها بدعوة المخلوع فعظم عليه الأمر قبعت ولده الأمير أبا سالم إبراهيم فى جيش عظيم الى حصارها وحشد اليها جميع قبائل الريف وقبائل بلاد تازا فلم يغن بها شيئا وأقلع عنها مهزوما فهجره لذلك أمير المسلمين فبقى مهمولا وقتل أمير المسلمين أبو يعقوب غيلة بقصره من حضرة تلمسان الجديدة في يوم الاربعاء السابع لذى قعدة من سنة ستّ وسبع مائة جاءه في بطنه وهو نائم خصى من فتيانه أسمه لا سعادة كان لابى علىّ المليانى فتوفّى من تلك الضربة قريبا من عصر ذلك اليوم فحمل الى رباط شالة من رباط الفتح ودفن بها والبقاء لله وحده
صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/269
المظهر