حاملين السيوف التي أُغْمِدَتْ بأكبادهم، رافعين الرماح التي خرقت صدورهم، ساحبين القيود التي أبادت أقدامهم، صارخين الصراخ الذي جرح حناجرهم، نائحين النواحَ الذي ملأ ظلمة سجونهم، مصلين الصلاة التي انبثقت من أوجاع قلوبهم، فأصغي أيتها الحرية واسمعينا، من منبع النيل إلى مصب الفرات يتصاعد نحوك عويل النفوس متموجًا مع صراخ الهاوية، ومن أطراف الجزيرة إلى جبهة لبنان تمتد إليك الأيدي مرتعشة بنزاع الموت، ومن شاطئ الخليج إلى أذيال الصحراء ترتفع نحوِك الأعين مغمورة بذوبان الأفئدة، فالتفتي أيتها الحرية وانظرينا: في زوايا الأكواخ القائمة في ظلال الفقر والهوان تُقرع أمامك الصدور، وفي خلايا البيوت الجالسة في ظلمة الجهل والغباوة تُطرح لديك القلوب، وفي قراني المنازل المحجوبة بضباب الجور والاستبداد تحن إليك الأرواح، فانظري أيتها الحرية وارحمينا … في المدارس والمكاتب تناجيك الشبيبة اليائسة، وفي الكنائس والجوامع يستميلك الكتاب المتروك، وفي
صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/186
المظهر