منذ خمس سنوات )
فشهقت راحيل عندما سمعت هذه الكلمات وارتعشت متوجعة كمن أدرك سرًّا هائلًا، والتفتت نحو الجمع وصرخت بأعلى صوتها: (هل سمعتم القاتل يعترف بجريمته في ساعة غضبه؟ ألا تذكرون أن زوجي قد وُجِدَ قتيلًا في الحقل وقد بحثتم عن القاتل فلم تجدوه لأنه كان مختبئًا وراء هذه الجدران؟ ألا تذكرون أن زوجي كان رجلًا شجاعًا؟ أما سمعتموه متكلمًا عن مكاره الشيخ عباس منددًا بأعماله متمردًا على قساوته؟ ها قد أبانت السماء قاتل جاركم وأخيكم وأوقفته أمامكم فانظروا إليه واقرأوا جريمته مكتوبة على وجهه المصفر، انظروه متململًا جازعًا، تأملوا كيف قد ستر وجهه بيديه كي لا يرى عيونكم محدقة به، انظروا السيد القوي مرتجفًا كالقصبة المرضوضة، انظروا الجبار العظيم مرتاعًا أمامكم كالعبد الخاطئ، إن الله قد أراكم على حين غفلة خفايا هذا القاتل الذي تخافونه وأبان لكم النفس الشريرة التي جعلتني أرملة بين نسائكم وتركت ابنتي يتيمة بين أبنائكم)
وبينما راحيل تتكلم صارخة وألفاظها تنقض كالصواعق على رأس الشيخ عباس وضجيج الرجال وزفرات النساء تتموج كشعلات النار والكبريت حول دماغه وقف الكاهن وأخذ بساعده وأجلسه