في وقوع كثير من الحوادث - هو الذي يجب أن يلتفت اليه وحده ، بل يقتضى أن
يلتفت الى حركات الرأي الأخرى ، لأنها تدل أيضا على الحالة الفكرية في أحـد
الأدوار ، فهذه الحركات تطبع طابعها على الفنون والآداب حتى على العلوم ،
وتشتق الحركات المذكورة ما لبعض النظريات او لبعض الرجال من نفوذ ويعم
أمرها بفعل العدوى النفسية التي هي العنصر الأساسي في انتشار المعتقدات .
وكل من الكتاب والمفكرين والفلاسفة والساسة يعمل ضمن دائرته في ايجاد
مجار الآراء تسير بها حضارة أحد الأزمنة ، وعلى أقطاب السياسة وحدهم يعود
أمر تكوين رأى عام في المسائل التي تمس حياة البلاد الخارجية ، وعمل مثل هذا
هو غاية في الصعوبة ، إذ يجب على أولئك الاقطاب أن يكونوا ذوى نفسية ناميـة
يقدرون بها على السير حسب المنطق العقلى وعلى التأثير في مشاعر الرجال المستقلة
عن كل عقل .
ا
L
والمؤثرات غير العقلية التي هي سبب حركات الآراء تتبدل بحسب الأحوال
تبدلاً متصلاً ، فعلى من يود أن يقبض على زمام هذه المؤثرات أن يعرف كيف
يتفرس فيهـا وأن لا ينسى أن الرأي بعد أن تؤمن به الجماعة يصبح في نظرها
حقيقة واحدة .
ثوران الاراء
ثوران الآراء كناية عن اتجاه انفعالات الناس الفجائية نحو غرض واحد ، وقاما
ينشأ
عن حوادث وقعت في غضون أحد الأدوار الطويلة مثل هذا الثوران
وهو يظهر بتأثير حوادث عاطفية تقع بغتة أو بفعل بضعة الفاظ ينطق بها رجال نافذون
(
قادرون على تحريك المشاعر .
ولم يكن أعاظم الأبطال في التاريخ كبطرس الراهب وجان دارك ومحمد( صلعم )
ولوثر ونابليون هم الذين سببوا وحدهم ثورانا في الآراء ، بل نشاهد كل حدوث
ثوران فيهـا وان كان على مقياس ضيق ، مثال ذلك ما نشأ عن اعدام الفوضوي
( فيرير) من
ثوران أقام باريس وأقعدها وما أوجبه اجتياز طيار بحر المانش أول
مرة من الوقع العظيم في أرجاء أوروبا .
،
صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/136
المظهر
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ۱۳٦ -