انتقل إلى المحتوى

صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
فلما كانت الليلة ٦

مقيم؟ فلما رأت الجارية هذا غشي عليها، وقد أعادت الصبية القول ثانيًا وثالثًا، فرفع السمك رأسه من الطاجن، وقال: نعم، نعم. ثم قال جميعه هذا البيت:

إِنْ عُدْتَ عُدْنَا وَإِنْ وَافَيْتَ وَافَيْنَا
وَإِنْ هَجَرْتَ فَإِنَّا قَدْ تَكَافَيْنَا

فعند ذلك قلبت الصبية الطاجن، وخرجت من الموضع الذي دخلت منه، والتحمت حائط المطبخ، ثم أفاقت الجارية فرأت الأربع سمكات محروقة مثل الفحم الأسود، فقالت تلك الجارية: من أول غزوته حصل كسر عصيته. فبينما هي تعاتب نفسها، وإذا بالوزير واقف على رأسها، وقال لها: هاتي السمك للسلطان. فبكت الجارية، وأعلمت الوزير بالحال، وبالذي جرى، فتعجَّبَ الوزير من ذلك، وقال: ما هذا إلا أمر عجيب. ثم إنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليه، فقال له: أيها الصياد، لا بد أن تجيء لنا بأربع سمكات مثل التي جئتَ بها أولًا. فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته، ثم جذبها، وإذا بأربع سمكات، فأخذها وجاء بها إلى الوزير، فدخل بها الوزير إلى الجارية، وقال لها: قومي اقليها قدامي حتى أرى هذه القضية. فقامت الجارية أصلحَتِ السمكَ، ووضعته في الطاجن على النار، فما استقر إلا قليلًا، وإذا بالحائط قد انشقَّ، والصبية قد ظهرت، وهي لابسة ملبسها، وفي يدها القضيب، فغرزته في الطاجن، وقالت: يا سمك، يا سمك، هل أنت على العهد القديم مقيم؟ فرفعت السمكات رءوسها، وأنشدت هذا البيت:

إِنْ عُدْتَ عُدْنَا وَإِنْ وَافَيْتَ وَافَيْنَا
وَإِنْ هَجَرْتَ فَإِنَّا قَدْ تَكَافَيْنَا

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.

٤٥