ذكر أبيه بكت لذكر ولد عمها وتذكرت محاسن حسن بدر الدين البصری وما جرى لها معه وصرخت وكذلك ولدها واذا بالوزير دخل فما نظر الى بكائها احترق قلبه وقال ما يبكيكما فاخبرته بما أتفق لولدها مع صغار المكتب فبكى الآخر ثم تذكر أخاه وما اتفق له معه وما اتفق لابنته ولم يعلم بما في باطن الامر ثم قام الوزير فی الحال ومشى حتى طلع الى الديوان ودخل على الملك واخبره بالقصة وطلب منه الاذن بالسفر الى الشرق ليقصد مدينة البصرة ويسأل عن ابن اخيه وطلب من السلطان ان يكتب له مراسيم لسائر البلاد اذا وجد ابن أخيه في أی موضع يأخذه ثم بكى بين يدی السلطان فرق له قلبه وكتب مراسيم لسائر الاقاليم والبلاد ففرح بذلك ودعا للسلطان وودعه ونزل في الحال وتجهزللسفروأخذ ما يحتاج اليه وأخذ ابنته وولدها عجيبا وسافر أول يوم وثانی يوم وثالث يوم حتى وصل الى مدينة دمشق فوجدها ذات أشجار وأنهار كما قال الشاعر
فنزل الوزير من ميدان الحصباء ونصب خيامه وقال لغلمانه ناخذ الراحة هنا يومين فدخل الغلمان المدينة لقضاء حوائجهم هذا يبيع وهذا يشتری وهذا يدخل الحمام وهذا يدخل جامع بنی أمية الذی ما في الدنيا مثله ودخل المدينة عجيب هو وخادمه يتفرجان والخادم يمشی خلف عجيب وفی يده سوط لو ضرب به جملا لسقط ولم يثر فلما نظر أهل دمشق الى عجيب وقده واعتداله وبهائه وكماله بديع الجمال وخيم الدلال ألطف من نسيم الشمال وأحلى للظمآن من الماء الزلال وألذ من العافية لصاحب الاعتلال فلما رآه أهل دمشق تبعوه وصارت الخلق تجری وراءه تتبعه وتقعد فی الطريق حتى يجیء عليهم وينظرونه الى ان وقف عجيب بالامر المقدر على دكان ابيه حسن بدر الدين الذي أجلسه فيه الطباخ الذی اعترف عند القضاة والشهود انه ولده فلما وقف عليه العبد فی ذلك اليوم وقف معه الخدام فنظر حسن بدر الدين الى ولده فاعجبه حين وجده فی غابة الحسن فحن اليه فؤاده وتعلق به قلبه وكان قد طبخ حب رمان محلی بلوز وسكر فاكلوا سواء فقال لهم حسن بدر الدين انستمونا كلوا هنيئا مريئا ثم ان عجيب قال لوالده اقعد كل معنا لعل الله يجمعنا بمن نريد فقال حسن بدر الدین یا ولدی هل بلیت علی صغر سنك بفرقه الاحباب فقال عجيب نعم يا عم حرق قلبی بفراق الاحباب والحبيب الذی فارقنی هو والدی وقد خرجت انا وجدی نطوف عليه البلاد فواحسرتاه على جمع شملی به وبكى بكاء شديدا وبكی والده لبكاء هوتذكر فرقة الاحباب وبعده عن والده ووالدته فحن له الخادم واكلوا جميعا الى ان اكتفوا ثم بعد ذلك قاما وخرجا من دكان حسن بدر الدين فاحس ان روحه فارقت جسده وراحت معهم فما قدر أن يصير عنهم لحظة واحدة فقفل الدكان وتبعهم وهو لا يعلم إنه ولده وأسرع فی مشيه حتى لحقهم قبل ان يخرجوا