ذهلت عنهما ولم أعرفهما ثم انی لما عرفتهما قلت لهما ما هذا الحال فقالتا يا أختاه ان الكلام لا يفيد الآن وقد جرى القلم بما حكم الله فأرسلتهما الى الحمام والبست كل واحدة حلة وقلت لهما يا اختی انتما الكبيرة وانا الصغيرة وانتم عوض عن أبی وامی والارث الذی نابنی معكما قد جعل الله فيه البركة فكلا من زكاته واحوالی جليلة وانا وانتما سواء وأحسنت اليهما غاية الاحسان فمكثنا عندی مدة سنة كاملة وصار لهما مال من مالی فقالتا لی ان الزواج خير لنا وليس لنا صبر عنه فقلت لهما يا اختی لم تريا فی الزواج خيرا فان الرجل الجيد قليل فی هذا الزمان وقد جربتما الزواج فلم يقبلا كلامی وتزوجا بغير رضای فزوجتهما من مالی وسترتهما ومضتا مع زوجيهما فاقاما مدة يسيرة ولعب عليهما زوجهما واخذ ما كان معهما وسافرا وتركاهما فجاءتا عندی وهما عريانتان واعتذرتا وقالتا لا تؤاخذينا فانت أصغر منا سنا واكمل عقلا وما بقينا نذكر الزواج أبدا فقلت مرحبا بكما يا أختی ما عندي أعز منكما وقبلتهما وزدتهما اكراما ولم تزل على هذه الحالة سنة كاملة فاردت أن أجهز لی مركبا الى البصرة فجهزت مركبا كبيرة وحملت فيها البضائع والمتاجر وما أحتاج اليه فی المركب وقلت يا أختی هل لكما ان تقعدوا فی المنزل حتى أسافر وأرجع أو تسافرا معی فقالتا نسافر معك فانا لا نطيق فراقك فاخذتهما وسافرنا وكنت قسمت مالی نصفين فاخذت النصف وخبأت النصف الثانی وقلت ربما يصيب المركب شیء ويكون فی العمر مدة فاذا رجعنا نجد شيئاً ينفعنا ولم نزل مسافرين أياما وليالی فتاهت بنا المركب وغفل الريس عن الطريق ودخلت المركب بحرا غير البحر الذی نريده ولم نعلم بذلك مدة وطاب لنا الريح عشرة أيام فلاحت لنا مدينة على بعد فقلنا للريس ما اسم هذه المدينة التی أشرفنا عليها فقال والله لا أعلم ولا رأيتها قط ولا سلكت عمری هذا البحر ولكن جاء الامر بسلامة فما بقی الا ان تدخلوا هذه المدينة وتخرجوا بضائعكم فان حصل لكم بيع فبيعوا وغاب ساعة ثم جاءنا وقال قوموا الى المدينة وتعجبوا من صنع الله فی خلقه واستعيذوا من سخطه فطلعنا المدينة فوجدنا كل من فيها مسخوطا حجارة سوداء فاندهشنا من ذلك ومشينا فی الاسواق فوجدنا البضائع باقية والذهب والفضة باقيين على حالهما ففرحنا وقلنا لعل هذا يكون له أمر عجيب وتفرقنا فی شوارع المدينة وكل واحد اشتغل عن رفيقه بما فيها من المال والقماش وأما أنا فطلعت الى القلعة فوجدتها محكمة فدخلت قصر الملك فوجدت فيه جميع الاواني من الذهب والفضة ثم رأيت الملك جالسا وعنده حجابه ونوابه ووزرائه وعليه من الملابس شیء يتحير فيه الفكر فلما قربت من الملك وجدته جالساً على كرسی مرصع بالدر والجواهر فيه كل درة تضیء كالنجمة وعليه حلة مزركشة بالذهب وواقفا حوله خمسون مملوكا لابسين انواع الحرير وفی ايديهم السيوف مجردة فلما نظرت لذلك دهش عقلی ثم مشيت ودخلت قاعة الحريم فوجدت فی حيطانها ستائر من الحرير ووجدت الملكة عليها حلة مزركشة باللؤلؤ الرطب وعلى رأسها تاج مكلل بانواع الجواهر وفی عنقها قلائد وعقودا وجميع ما عليها من الملبوس والمصاغ باق على حاله وهی ممسوخة حجر اسود ووجدت بابا مفتوحاً فدخلته ووجدت فيه سلما بسبع درج فصعدته فرايت مكانا مرخماً مفروشاً بالبسط المذهبة ووجدت
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/58
المظهر