لاقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد واللحم فظننت أنى قتلته فشخر شخيرا عاليا فتحركت بنت عمى وقانت بعد ذهابى غاخدت السيف وردته الى موضعه واتت المدينة ودخلت القصر ورقدت فى فراشى الى الصباح ورأيت بنت عمى قد قطعت شعرها ولبست ثياب الحزن وقالت يا لبن عمى لا تلمنى فيما افعله فانه بلغنى ان والدتى توفيت وان والدى قتل في الجهاد وان أخوى أحدهما مات ملسوعا والاخر رديما فيحق لى ان ابكى واحزن فلما سمعت كلامها سكتت عنها وقلت لها افعلى ما بدا لك فانى لا اخالفك فمكثث فى حزن وبكاء وعديد سنة كاملة من الحول الى الحول وبعد السنة قالت أريد ان ابنى لى فى قصرك مدفنا مثل القبة وانفرد فيه بالاحزان واسميه بيت الاحزان فقلت لها افعلى ما بدا لك فبنت لها بيتا للحزن فى وسطه قبة ومدفنا مثل الضريح ثم نقلت العبد وانزلته فيه وهو ضعيف جدا لا ينفعها بنافعة لكنه يشرب الشراب ومن اليوم الذى جرحته فيه ما تكلم الا أنه حى لان أجله لم يفرغ فصارت كل يوم تدخل عليه القبة بكرة وعشيا وتبكى عنده وتعدد عليه وتسقيه الشراب والمساليق ولم تزل عاى هذه الحالة صباحا ومساء الى ثانى سنة وانا أطول بالى عليها الى ان دخلت عليها يوما من الايام على غفلة فوجدتها تبكى وتلطم وجهها وتقول هذه الابيات
فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفى مسلول فى يدى هذا كلام الخائنات اللاتى ينكرن المعشرة ولا يحفظن الصحبة واردت ان أضربها فرفعت يدى في الهواء فقامت وقد علمت انى أنا الذى جرحت العبد ثم وقفت على قدميها وتكلمت بكلام لا أفهمه وقالت جعل الله بسحرى نصفك حجرا ونصفك الاخر بشرا فصرت كما ترى وبقيت لا اقوم ولا أقعد ولا أنا ميت ولا أنا حىفلما صرت هكذا سحرت المدينة وما فيها من الاسواق والغيطان وكانت مدينتنا اربعة اصناف مسلمين ونصارى ويهود ومجوس فسحرتهم سمكا فالأبيض مسلمون والأحمر مجوس والازرق نصارى والاصفر يهود وسحرت الجزائر الاربعة أربعة جبال واحاطتها بالبركة ثم انها كل يوم تعدبنى وتضربنى بسوط كم الجلد مائة ضربة حتى يسيل الدم ثم تلبسنى من تحت هذه الثياب ثوبا من الشعر على نصفى الفوقانى ثم ان الشاب بكى وانشد هذا الشعر
فعند ذلك التفت الملك الى الشاب وقال له ايها الشاب زدتنى هما على همى تم قال له واين تلك المراة قال فى المدفن الذى فيه العبد راقد فى القبة وهى تجىء له كل يوم مرة وعند مجيئها تجىء الى وتجردمى من ثيابى وتضربنى بالسوط مائة ضربة وأنا أبكى وأصيح ولم يكن فى حركة حتى أدفعها عن نفسى