والنسيم فی اعتلال ثم دخل بهما الشيخ ابراهيم القاعة المغلقة فابتهجوا بحسن تلك القاعة وما فیها من اللطائف الغریبة وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
(وفی لیلة 49) قالت بلغنی ان الشيخ ابراهيم دخل القاعة ومعه علی نور الدين والجارية وجلسوا فی بعض الشبابيك فتذكر علی نور الدين المقاساة التی مضت له فقال والله ان المكان فی غاية الحسن لقد فكرنی بما مضي واطفأ من كربی جمر الغضى ثم ان الشيخ ابراهيم قدم لهما الاكل فاكلا كفايتهما ثم غسلا ايديهما وجلس نور الدين فی شباك من تلك الشبابيك وصاح على جاريته فاتت اليه فصارا ينظران الى الاشجار وقد حملت سائر الاثمار ثم التفت علی نور الدين الى الشيخ ابراهيم وقال له يا شيخ ابراهيم اما عندك شیء من الشراب لان الناس يشربون بعد ان يأكلون فجاءه الشيخ ابراهيم بماء حلو بارد فقال له نور الدين ما هذا الشراب الذی أريده فقال له اتريد الخمر فقال له نور الدين نعم فقال اعوذ بالله منها ان لی ثلاثة عشر عاما ما فعلت ذلك لأن النبی ﷺ لعن شاربه وعاصره وحامله فقال له نور الدين اسمع منی كلمتين قال قل ما شئت قال إذا لم تكن عاصر الخمر ولا شاربه ولا حامله هل يصيبك من لعنهم شیء قال لا قال خذ هذين الدينارين وهذين الدرهمين واركب هذا الحمار وقف بعيدا وأی انسان وجدته يشتری فصح عليه وقل له خذ هذين الدرهمين واشتر بهذین الدینارین خمرا واحمله على الحمار وحينئذ لا تكون شاربا ولا حاملا ولا عاصرا ولا يصيبك شیء مما اصاب الجميع فقال الشيخ ابراهيم وقد ضحك من كلامه والله ما رأيت أظرف منك ولا أحلی من كلامك فقال له نور الدين نحن صرنا محسوبين عليك وما عليك الا الموافقة فائت لنا بجميع ما نحتاج اليه فقال له الشيخ ابراهيم يا ولدي هذا كراری قدامك وهو الحاصل المعد لامير المؤمنين فادخله وخذ منه ما شئت فان فيه فوق ما تريد فدخل علی نور الدين الحاصل فرأى فيه أوانی من الذهب والفضة والبلور مرصعة باصناف الجواهر فاخرج منها ما أراد وسكب الخمر فی البواطی والقنانی وصار هو وجاريته يتعاطيان واندهشا من حسن ما رأيا ثم ان الشيخ ابراهيم جاء لهما بالمشموم وقعد بعيدا عنهما فلم يزالا يشربان وهما فی غاية الفرح حتى تحكم معهما الشراب واحمرت خدودهما وتغازلت عيونهما واسترخت شعورهما فقال الشيخ ابراهيم ما لی أقعد بعيدا عنهما كيف اقعد عندهما وأی وقت اجتمع فی قصرنا مثل هذين الاثنين اللذين كأنهما قمران ثم ان الشيخ ابراهیم تقدم وقعد فی طرف الايوان فقال له علی نور الدين يا سيدی بحياتی أن تتقدم عندنا فتقدم الشيخ ابراهیم عندهما فملا نور الدين قدحا ونظر الي الشيخ ابراهيم وقال له اشرب حتى تعرف لذة طعمه فقال الشيخ أعوذ بالله ان لی ثلاث عشرة سنة ما فعلت شيئا من ذلك فتغافل عنه نور الدين وشرب القدح ورمى نفسه في الارض واظهرانه غلب عليه السكرفعند ذلك نظرت اليه أنيس الجليس وقالت له يا شيخ ابراهيم انظر هذا كيف عمل معی قال لها يا سيدتی ماله قالت دائما يعمل معی هكذا فيشرب ساعة وينام وابقى أنا وحدی لا أجد لی نديما ينادمنی على قدحی فاذا شربت فمن يعاطينی واذا غنيت فمن يسمعنی فقال لها الشيخ ابراهيم وقد حنت أعضاؤه ومالت نفسه اليها