ثم قال اعلم ايها الوكيل انی اريد اذا فضل عندك ما يكفينی لغدائی ان لا تحملنی هم عشائی فانصرف الوكيل من عنده الى حال سبيله واقبل علی نور الدين علی ما هو فيه من مكارم الاخلاق وكل من يقول له من ندمائه ان هذا الشیء مليح يقول هو لك هبة أو يقول سيدی ان الدار الفلانية مليحة يقول هی لك هبة ولم يزل علی نور الدين يعقد لندمائه وأصحابه فی أول النهار مجلسا وفی آخره مجلسا ومكث على هذا الحال سنة كاملة فبينما هو جالسا يوما واذا بالجارية تنشد هذين البيتين
فلما فرغت من شعرها اذا بطارق يطرق الباب فقام علی نور الدين فتبعه بعض جلسائه من غير ان يعلم به فلما فتح الباب رآه وكيله فقال له علی نور الدين ما الخبر فقال له يا سيدی الذی كنت اخاف عليك منه قد وقع لك قال وكيف ذلك قال اعلم انه ما بقی لك تحت يدی شیء يساوی درهما ولا أقل من درهم وهذه دفاتر المصروف الذی صرفته ودفاتر اصل مالك فلما سمع علی نور الدين هذا الكلام أطرق برأسه الى الارض وقال لا حول ولا قوة الا بالله فلما سمع الرجل الذی تبعه خفية وخرج ليسأل عليه وماقاله الوكيل رجع الى أصحابه وقال لهم انظروا أی شیء تعملون فان علی نور الدين قد أفلس فلما رجع اليهم علی نور الدين ظهر لهم الغم فی وجهه فعند ذلك نهض واحد من الندماء على قدميه ونظر الى علی نور الدين وقال له يا سيدي انی اريد ان تأذن لی بالانصراف فقال علی نور الدين لماذا الانصراف فی هذا اليوم فقال ان زوجتی تلد فی هذه الليلة ولا يمكننی ان اتخلف عنها واريد ان اذهب اليها وانظرها فاذن له ونهض آخر وقال له يا سيدی نور الدين اريد اليوم أن احضر عند اخی فانه يطاهر ولده وكل واحد يستاذنه بحیلة وبذهب الي حال سبيله حتى انصرفوا كلهم وبقی علی نور الدين وحده فعند ذلك دعا جاريته وقال يا أنيس الجليس اما تنظرين ما حل بی وحكى لها ما قاله الوكيل فقالت يا سيد منذ ليال هممت ان اقول لك على هذا الحال فسمعتك تنشد هذين البيتين
فلما سمعتك تنشدهما سکت ولم ابد لك خطابا فقال لها علی نورالدین يا أنيس الجليس أنت تعرفين انی ما صرفت مالی الا على أصحابی واظنهم لا يتركوننی من غير مواساه فقالت انيس الجليس والله ما ينفعونك بنافعة فقال علی نور الدين فانا فی هذه الساعة أقوم وأروح اليهم واطرق أبوابهم لعلی أنال منهم شيئا فاجعله فی يدی رأس مال وأتجر فيه وأترك اللهو واللعب ثم انه نهض من وقته وساعته وما زال سائرا حتى اقبل على الزقاق الذی فيه أصحابه العشرة وكانوا كلهم ساكنين فی ذلك الزقاق فتقدم الى أول باب وطرقه فخرجت له جارية وقالت له من أنت فقال لها قولی لسيدك علی نور الدين واقف