ثانيا فخيل انه شربه واظهر انه سکران ثم ان أخی غافله ورفع يده حتى بان بياض أبطه وصفعه على رقبته صفعة رن لها المكان ثم ثنى عليه بصفعة ثانية وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
(وفی لیلة ٤٤) قالت بلغنی أيها الملك السعيد ان أخا المزين لما صفع صاحب الدار قال له الرجل ما هذا يا أسفل العالمين فقال يا سيدی أنا عبدك الذی أنعمت عليه وأدخلته منزلك وأطعمته الزاد واسقيته الخمر العتيق فسكر وعربد عليك ومقامك أعلى من أن تؤاخذه بجهل فلما سمع صاحب المنزل كلام أخی ضحك ضحكا عاليا ثم قال ان لی زمانا طويلا أسخر بالناس وأهزأ بجميع أصحاب المزاح والمجون ما رأيت منهم من له طاقة على أن أفعل به هذه السخرية ولا من له فطنة يدخل بها فی جميع أموری غيرك والآن عفوت عنك فكن نديمی على الحقيقة ولا تفارقنی ثم أمر باخراج عدة من أنواع الطعام المذكورة أولاً فاكل هو وأخی حتى اكتفيا ثم انتقلا الى مجلس الشراب فاذا فيه جوار كأنهن الاقمار فغنين بجميع الالحان واشتغلن بجميع الملاهی ثم شربا حتى غلب عليهما السكر وانس الرجل باخی حتى كانه أخوه وأحبه محبة عظيمة وخلع عليه خلعة سنية فلما أصبح الصباح عادا لما كانا عليه من الاكل والشرب ولم يزالا كذلك مدة عشرين سنة ثم ان الرجل مات وقبض السلطان على ماله واحتوى عليه فخرج أخی من البلد هاربا فلما وصل الى نصف الطريق خرج عليه العرب فأسروه وصار الذي أسره يعذبه ويقول له اشتر روحك منی بالاموال والا أقتلك فجعل أخی يبكی ويقول أنا والله لا أملك شيئا يا شيخ العرب ولا اعرف طريق شیء من لمال وانا اسيرك وصرت فی يدك فافعل بي ما شئت فاخرج البدوی الجبار من حزامه سكينا عريضة لو نزلت على رقبة جمل لقطعتها من الوريد الى الوريد واخذها فی يده اليمنى وتقدم الى اخی المسكين وقطع بها شفتيه وشدد عليه فی المطالبة وكان للبدوی زوجة حسنة وكان اذا اخرج البدوی تتعرض لاخی وتراوده عن نفسه وهو يمتنع حياء من الله تعالي فاتفق ان راودت اخی يوما من الايام فقام ولاعبها واجلسها فی حجرة فبينما هما كذلك واذا يزوجها داخل عليهما فلما نظر الى اخی قال له ويلك يا خبيث اتريد الآن ان تفسد علی زوجتی واخرج سكينا وقطع بها ذكره وحمله على جمل وطرحه فوق جبل وتركه وسار الى حال سبيله فجاز عليه المسافرون فعرفوه فاطعموه واسقوه واعلمونی بخبره فذهبت اليه وحملته ودخلت به المدينة ورتبت له ما يكفيه وها انا جئت عندك يا امير المؤمنين وخفت ان ارجع الى بيتی قبل اخبارك فيكون ذلك غلطا وورائی ستة اخوة وانا اقوم بهم فلما سمع اميرالمؤمنين قصتی وما اخبرته به عن اخوتی ضحك وقال صدقت يا صامت انت قليل الكلام ما عندك فضول ولكن الآن اخرج من هذه المدينة واسكن غيرها ثم نفانی من بغداد فلم ازل سائرا فی البلاد حتى طفت الاقاليم الى ان سمعت بموته وخلافة غيره فرجعت الى المدينة فوجدته مات ووقعت عند هذا الشاب وفعلت معه احسن الفعال ولولا انا لقتل وقد اتهمنی بشیء ما هو فی جميع ما نقله عنی من الفضول وكثرة الكلام وكثافة الطبع وعدم الذوق باطل يا جماعة.ثم قال الخياط لملك الصين فلما سمعنا قصة المزین