علی يومين أو ثلاثة حتى أنظر لی موضعا قال نعم ومضى وتركنی فبقيت قاعد ابكی واقول كيف أرجع الى أهلی وانا مقطوع اليد والذی قطع يدی لم يعلم انی بریء فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وصرت أبكي بكاء شديدا فلما مضى صاحب القاعة عنی لحقنی غم شديد فتشوشت يومين وفی اليوم الثالث ما أدری الا وصاحب القاعة جاءنی ومعه بعض الظلمة وكبير السوق وادعى علی انی سرقت العقد فخرجت لهم وقلت ما الخبر فلم يمهلونی بل كتفونی ووضعوا فی رقبتی جنزيرا وقالوا لی ان العقد الذی كان معك طلع لصاحب دمشق ووزيرها وحاكمها وقالوا ان هذا العقد قد ضاع من بيت الصاحب من مدة ثلاث سنين ومعه ابنته فلما سمعت هذا الكلام منهم ارتعدت مفاصلی وقلت فی نفسی هم يقتلوننی ولا محالة والله لا بد انني أحكی للصاحب حكايتی فان شاء قتلنی وان شاء عفى عنی فلما وصلنا الى الصاحب أوقفني بين يديه فلما رآنی قال أهذا هو الذي سرق العقد ونزل به ليبيعه انكم قطعتم يده ظلما ثم أمر بسجن كبير السوق وقال له اعطي هذا دية يده والا أشنقك وآخذ جميع مالك ثم صاح على اتباعه فاخذوه وجردوه وبقيت أنا والصاحب وحدنا بعد أن فكوا الغل من عنقی باذنه وحلوا وثاقی ثم نظر الی الصاحب وقال يا ولدی حدثني واصدقنی كيف وصل اليك هذا العقد فقلت يا مولای انی أقول لك الحق ثم حدثته بجميع ما جرى لی مع الصبية الاولى وكيف جاءتنی بالثانية وكيف ذبحتها من الغيرة وذكرت له الحديث بتمامه فلما سمع كلامي هز رأسه وحط منديله على وجهه وبكى ساعة ثم أقبل علی وقال لی اعلم يا ولدی ان الصبية ابنتي وكنت أحجز عليها فلما بلغت أرسلتها الى ابن عمها بمصر فمات فجاءتنی وقد تعلمت العهر من أولاد مصر وجاءتك أربع مرات ثم جاءتك باختها الصغيرة والاثنتان شقيقتان وكانتا محبتين لبعضهما فلما جرى للكبيرة ما جرى أخرجت سرها على أختها فطلبت مني الذهاب معها ثم رجعت وحدها فسألتها عنها فوجدتها تبكی عليها وقالت لا أعلم لها خبر ثم قالت لامها سرا جميع ما جرى من ذبحها أختها فاخبرتنی امها سرا ولم تزل تبكی وتقول والله لا ازال أبكی عليها حتى أموت وكلامك يا ولدي صحيح فانی أعلم بذلك قبل أن تخبرنی به فانظریا ولدي ماجري وانا أشتهی منك ان لا تخالفني فیما اقول لك و هواني أرید ان أزوجك ابنتي الصغيرة فانها ليست شقيقة لهما وهی بكر ولا آخذ منك مهرا وأجعل لكما راتبا من عندی وتبقى عندی بمنزلة ولدی فقلت له الامر كما تريد يا سيدی ومن أين لی ان أصل الي هذا فارسل الصاحب فی الحال من عنده بريد واتاني بمالي الذی خلفه والدی وانا اليوم فی ارغد عيش فتعجبت منه واقمت عنده ثلاثة أيام واعطانی مالا كثيرا وسافرت من عنده فوصلت الى بلدكم هذه فطابت لي فیما المعيشة وجرى لی مع الاحدب ما جرى فقال ملك الصين ما هذا باعجب من حديث الاحدب ولا بد لی من شنقكم جميعا وخصوصا الخياط الذی هو راس كل خطيئة قال يا خياط ان حدثتنی بشیء أعجب من حديث الاحدب وهبت لكم أرواحكم
(حكاية مزين بغداد)
فعند ذلك تقدم الخياط وقال اعلم يا ملك الزمان ان الذی جرى لی أعجب مما جرى للجميع لانی