كلمة الدكتور طه حسين
هذا كتاب بذل فيه مؤلفه من الجهد ما لا يبذل مثله إلا الأقلون .
والذين يقرءون هذا الكتاب قراءة المتدبر المستأنى سيلاحظون مقدار هذا الجهد العنيف الذي مكن المؤلف من أن يصبر نفسه السنين الطوال على قراءة طائفة ضخمة من الكتب التي لا يكاد الباحثون يطيلون النظر فيها لكثرة ما يتعرضون له من كثرة الأسانيد وتكرارها وتعدد الروايات واضطرابها وإعادة الخبر الواحد مرات كثيرة في مواطن مختلفة .
وموضوع الكتاب إذن خطير قيم وهو نقد ما وصل إلينا من الحديث الذي يحمل عن النبی صلى الله عليه وسلم وتمييز الصحيح من غيره ليطمئن المسلمون إلى ما يروى لهم عن رسول الله .
وقد فطن المحدثون القدماء لهذا كله واجتهدوا ما استطاعوا في التماس الصحيح من الحديث وتنقيته من كذب الكذابين وتكلف المتكلفين ، وكانت طريقتهم في هذا الاجتهاد إنما هي الدرس لحياة الرجال الذين نقلوا الحديث جيلاً بعد جيل حتى تم تدوينه .
وأنا بعد ذلك أجدد اعترافي للمؤلف بجهده العنيف الخصب في تأليف هذا الكتاب وإخلاصه الصادق للعلم والحق في بحثه عن الحديث .