صحيفة الأحرار
المظهر
صحيفة الأحرار
يا حابسين صحيفة الأحرار
هل يمنع القيد استعار النار
إن تحجبوها فهي حقد كامن
بين الضلوع و صرخة استنكار
بنت الكفاح و كل سطر خالد
عرق يفور به دم الثوار
ضم الشتات بها (فكاوا) يجتلي
من عين (يعرب) ضحكة استبشار
و (القدس) تشهد كل جرح أنها
برء يثير مخاوف الأشرار
لم تكب في ساح الجهاد و لا ارتضت
ذلا و لا غفلت عن استعمار
إن تحجبوها فالليالي شأنها
ألا يدوم بها سنا الأقمار
ما إن نخور فليس فينا جاهل
إن الحياة عطية الأخطار
إنا لنغمد في اللظى أقدامنا
هيهات نشكو سطوة الأحجار
واحر قلبي يا بلادي أنني
جردت فيك سوى من الأشعار
ماذا ظننت بصادق في حبه
لو كان يملك قوة الأقدار
هل كان ينفض من نضال كفه
أو كان يتركها على القيثار
و لو استطعت لكنت حزبا ثانيا
مثل التحرر صادق الآثار
أو عدت أجعل من دمائي ثورة
تجلو غشاوة هذه الأبصار
الشعب يعلم عن يقين أنها
بوق النضال و منبر الأحرار
حان الكفاح فأنزلتها طعنة
حمراء في صدر الحليف الصاري
الجو فيك لكل نسر ضيق
رحب لكل ملون المنقار
قصوا جناح النشر فيه و أطلقوا
لليوم أجنحة الخنا و العار
و من المهازل أن أوفى صفحة
للشعب تطويها يدا غدار
ما راش جود الكادحين جناحها
حتى يراه مقص الاستعمار
أن يحجبوها فهي في أرواحنا
و ضحاه تنشرها يد التذكار
أو طاب يوم (الخائنات) بيومها
فالخائنات قصيرة الأعمار
إن المصاب و إن خلا من فرحة
لم يخل من عظة و من انذار
فالطاعن الصدر الأبي بسيفه
سق الستار بطعنة استهتار
فإذا العيون ترى و في أهدابها
لمح الدماء خبيثة (الثرثار)
يجثو على فرش الحرير و دونه
جسم الطعين على التراب العاري
فالطرف يمسك بالكؤوس و رجله
بالطرس و الكغان بالدينار
لو باركته يدا (سفير) ساعة
باع النضال بحلفة (استيزار)
يا من يشيد لكل حر محبسا
خوفا على كرسيه المنهار
إن الظلام إذا تناهى غيه
زاد العيون صدى إلى الأنوار
و الحابس الأبطال عن أن يزأروا
ظن الزئير قضى قتل إسار
حتى تكشف عن سراب ظنه
و انفض جوف الصمت عن إعصار
فإذا الحناجر و الزمازم تنبري
غضبى تجوز عليه عقر الدار
هيهات تغلب كل كف شأنها
لمس الحرير تدفق التيار
هيهات يصرع كل فكر ملؤه
همس الطغاة صوارخ الأنكار
ما دام بعض دم الضحية دافقا
فيها فلا ركنت إلى الأظفار
يا شعب أنت غد فإن لم يؤمنوا
بالكادحين فلست للكفار
إن الطغاة نجوم ليل ترتدي
ثوب المغيب و أنت شمس نهار
أنت اندفعت إلى العلاء و غلغلوا
في هوة لا تنتهي بقرار
لا يستوي الجيلان هذا مقبل
نحو الحياة و ذاك في إدبار
ظنونك سخرية الزمان و نهزه
للطامعين و لعبة الأغرار
حتى أبنت عن اللظى في ملمس
و كشفت في شرب عن الأكدار
أنت العباب سجا و أغفى حاجبا
خلف السجو منية البحار
أنت الزمان صفا ليهوي سيفه
بعد الصفاء على يدي جبار
إن الشعوب شكون داء واحدا
رغم التنائي و اختلاف الدار
أغلالهن مجمعات في يد
رعناء تنشرها على الأقطار
فإذا حطمت فلست وحدك حاطما
تلك القيود غنيت بالأنصار
لاوفق الأشرار في أن يخرقوا
قلب النضال بكاذب الأخبار
هل يأمن المطعون من جلاده
إلا لقاء الصارم البتار
و الأرض ليس لها من غاسل
رجس الطغاة سوى دم الثوار