انتقل إلى المحتوى

صادح الشرق قد سكت طويلا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

صادِحَ الشَّرْقِ قَدْ سَكَتَّ طَوِيلاَ

​صادِحَ الشَّرْقِ قَدْ سَكَتَّ طَوِيلاَ​ المؤلف علي الجارم


صادِحَ الشَّرْقِ قَدْ سَكَتَّ طَوِيلاَ
وَعَزِيزٌ عَلَيْهِ أَلا تَقُولاَ
أَيْنَ ذَاكَ الشعْرُ الذي كُنْتَ تزْجِيهِ
فَيَسْرِي في الأَرْضِ عَرْضاً وَطُولا
قَدْ سَمِعْنَاهُ في الْمَزَاهِرِ لَحْناً
وَسَمِعْنَاهُ فيِ الْحَمامِ هَدِيلا
وَشَمِمْنَاهُ فِي الْكَمائِمِ زَهْراً
وَشَرِبْنَاهُ فِي الْكُؤُوسِ شَمُولا
تَنْهَبُ الدُرَّ مِنْ عُقُوِدِ الْغَوَانِي
ثُمَّ تَدْعُوهُ فاعِلاتُنْ فَعُولاَ
خَطَرَاتٌ تَسِيرُ سَيْرَ الدَرَاري
آبِياَتٍ عَلَى الزمانِ أُفُولاَ
تَخْدَعُ الْجَامِحَ الشمُوسَ مِنَ الْقَوْ
لِ فَيُلْقِى الْعِنانَ سَهْلاً ذَلُولا
غَزَلٌ كالشبَابِ أَسْجَح رَيَّا
نُ يُذِيبُ الْقَاسِي ويُدْنِي الْمَلُولا
وَنَسِيبٌ يَكادُ يَبْعَثُ فِينَا
مِنْ جَدِيدٍ كُثَيِّراً وَجَمِيلاَ
وَقَوافٍ سَالَتْ مِنَ اللُّطْفِ حتَّى
لَحَسِبْنَا المجتث منها طويلا
نَقدتْ جَيّد الكلام وخلّت
سقطاً مِنْ وَرَائِها وفُضُولاَ
عَبِثَتْ بالْوَلِيدِ ثُمَّ أَرَتْهُ
مِنْهُ أَنْقَى مَعْنًى وَأَقْوَمَ قِيلاَ
لَوْ وَعَاهَا مَا اهْتزَّ يُنْشِدُ يَوْماً
ذَاك وادِي الأَرَاكِ فَاحْبِسْ قَلِيلاَ
قِفْ مَشُوقاً أَوْ مُسْعِداً أَوْ حَزِيناً
أَوْ مُعِيناً أَوْ عَاذِراً أَوْ عَذولاَ
بَرَزَتْ نَفْسُهُ بِها فَرَأَينَا
هُ نَبِيلاً يَنُثُّ قَوْلاً نَبِيلاَ
هَبَطَتْ حِكمَةُ الْبَيانِ عَلَيْهِ
فَاذكُروا فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلاَ
لَوْ شَهِدْتَ الردَى يَحُومُ عَلَيْهِ
وَالْمنَايَا تَرْمِي لَهُ الأُحْبُولاَ
لَرَأَيْتَ الطّوْدَ الأَشَمَّ الَّذِي كَا
نَ مَنِيعَ الذرَا كَثِيباً مَهِيلاَ
وَرَأَيْتَ الصمْصامَ لاَ يَقْطَعُ الضِغْ
ثَ وَقَدْ كَانَ صَارِماً مَصْقُولاَ
وَرَأَيْتَ الرُّوحَ الْخَفِيفَةَ حَيْرَى
إِنَّ عِبْءَ السقَامِ كَانَ ثَقِيلاَ
شيَّعَ الدَّمْعُ يَوْمَ شَيَّعَ صَبْرِي
دَوْلَةً فَخْمَةً وَعَصْرًا حَفِيلا
خُلقٌ لَوْ يَمَسُّ هَاجِرَةَ الْقَيْ
ظِ لأَمْسَتْ عَلَى اْلأَنَامِ أَصِيلاَ
وَخِلالٌ مِثْلُ النَسِيمِ وَقَدْ مَ
رَّ بِزَهْرِ الربَا عَلِيلاً بَليلاَ
وَحَدِيثٌ حُلْوُ الْفُكَاهَةِ عَذبٌ
لَمْ يَكُنْ آسِناً وِلاَ مَمْلُولاَ
يُذْهِلُ الصَبَّ عَنْ أَحادِيثِ لَيْلاَ
هُ وَيُنْسِيهِ حَوْمَلاً وَالدخُولاَ
يقصُرُ الَّليْلُ حِينَ يَسْمُرُ صَبْرِي
بَعْدَ أَنْ كَانَ نَابِغِيًّا طَوِيلاَ
يَوْمَ صَبْرِي هَدَمْتَ لِلْمَجْدِ رُكْنَاً
وَتَرْكْتَ الْعَلْيَاءَ أُمّا ثَكُولاَ
يَوْمَ صَبْرِي أَغْمَدْتَ فِي التُرْبِ سَيْفاً
حِينَ جَرَّدْتَ سَيْفَكَ الْمَسْلولاَ
إِنَّمَا نَحْنُ فِي الْحَياةِ إِلَى
حِينٍ شَبَاباً وَفِتْيةً وَكُهُولاَ
نَتَمَنَّى الْحَياةَ جِدَّ تَمَنٍّ
وَهْيَ لَيْسَتْ إِلاَّ مَتَاعاً قَلِيلاَ
وَقَفَ الطِبُّ حَائِراً وَالْمَنَايَا
ساخِرَاتٍ يَغْتَلْنَ جِيلا فَجِيلاَ
دَوْرَةُ اْلأَرْضِ كَمْ أَمَدَّتْ قَبِيلاً
بحَيَاةٍ وَكَمْ أَبَادَتْ قَبِيلاَ
نَضْرَةٌ فِي أَزَاهِرِ الصُبْحِ تُمْسِي
بَعْدَ لأَيٍ تَصَوُّحاً وذُبُولاَ
رُبَّ قَصْرٍ قَدْ كَانَ مَلْعَبَ أُنْسٍ
صَيَّرَتْهُ اْلأَيَّامُ رَبْعاً مُحِيلاَ
وَفَتَاةٍ طَوَى مَحاسِنَهَا الدَهْ
رُ بَنَانًا غَضًّا وَخَدًّا أَسِيلاَ
نَأْكلُ اْلأَرْضَ ثُمَّ تَأْكُلُنَا اْلأَرْ
ضُ دَوَالَيْكَ أَفْرُعاً وَأُصُولاَ
يامَلِيكَ الْبَيَانِ دَعْوَةَ خلٍّ
وَجَد الصَبْرَ بَعْدَكُمْ مُسْتَحِيلاَ
أَنا أَرْثِيكَ شاعِراً وأَديبًا
ثُمَّ أَبْكِيكَ صَاحِباً وخَلِيلاَ
قلْ لِحَسَّانَ إِنْ مَرَرْتَ عَلَيْهِ
فِي ظِلاَلِ الْفِرْدَوْسِ يُطْري الرَّسُولاَ
إِنَّ مِصْرًا أَحْيَتْ مَوَاتَ الْقَوَافِي
وَأَقَامَتْ عَمُودَهَا أَنْ يَمِيلاَ
وَأَعَادَتْ إِلَي سَلِيلَةِ عَدْنَا
نَ شَبَاباً غَضًّا وَمَجْداً أَثِيلا
قُلْ لَهُ غَيْرَ فاخرٍإنَّ صَبْرِي
بَعْدَ سَامِي هَدَى إِلَيْها السَبِيلاَ
وَيْكَ يا قَبْرُ صِرْتَ لِلْفَضْل مَثْوَى
لا يُسَامَى وللنُّبُوغِ مَقِيلاَ
فِيكَ كَنْزٌ لَمْ تَحْوِ أَرْضُ الفَرَاعِينِ
لَهُ بَيْنَ لاَبَتَيْهَا مَثيلاَ
فِيكَ سِرٌّ الْجَلالِ والْخَطْبُ فِيهِ
كَانَ يَاقَبْرُ لَوْ عَلِمْتَ جَلِيلاَ
ضُمَّهُ ضَمَّة الْكَمِيِّ حُسَاماً
تَرَكَ النَّصْرُ حَدَّهُ مَفْلُولاَ
لَهْفَ نَفْسي عَلَيْهِ يَفْتَرِشُ التُرْ
بَ وَقَدْ كَانَ لِلسماكِ رَسِيلاَ
لَهْفَ نَفْسِي عَلَيْهِ لَوْ كَانَ يُجْدِي
لَهْفَ نَفْسِي أَوْ كَانَ يُغْنِي فَتِيلاَ
كُنْ عَلَيْهِ ياقَبْرُ رُوحاً وَرَيْحَا
ناً وَمَثْوًى رَحبْاً وَظِلاًّ ظَلِيلاَ
لَمْ يَمُتْ من يَزُولُ مِنْ عَالَمِالْحِ
ناً وَمَثْوًى رَحبْاً وَظِلاًّ ظَلِيلاَ