انتقل إلى المحتوى

شمس الضحى في الغمام مستتره

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

شَمْسُ الضّحَى في الغَمَامِ مُسْتَتِرَهْ

​شَمْسُ الضّحَى في الغَمَامِ مُسْتَتِرَهْ​ المؤلف كشاجم


شَمْسُ الضّحَى في الغَمَامِ مُسْتَتِرَهْ
أم دمنةٌ في النّقَابِ معتجِرَه
جَنَتْ فجاءَتْ مَجِيءَ مُذنِبَةٍ
إِليكَ مّما جَنَتْهُ معتَذِرَهْ
يقتَادُهَا الشَّوْقُ ثمَّ يمنَعُهَا
خوفُ العِدَى والحسودَةِ المَكِرَهْ
حتَّى إذا نَفْخَةُ الصّبا نَسَمَتْ
نَمَّتْ عليها الرَّوايحُ العَطِرَهْ
أحبِبْ بها زَوْرَةً وَزَائِرَةً
لو لم تَكُن من وُشَاتِها حذِرَهْ
تَظَلُّ عَنْ حَالَتِي تُسَائِلني
وهيَ بما قدْ جَنَيْتُهُ خَبِرَهْ
قُلْتُ لها قد قَدَرْتِ فاغتَفِري
ما أَحسنَ العفوَ مِنكِ مُقتَدِرَهْ
قَالَتْ وحتَّى مَتَى تُوَبِّخُنِي
من دونِ ماذا هتَكتُ مُستَتِرهْ
الذَّنْبُ في الحبِّ لِي فاحقَرُهْ
هذا من الحبِّ في الهَوَى نَكِرَهْ
واستمجَنَتْ فاحْتَذَيْتُ مِئزرَهَا
يَا حُسْنَهَا حَاسراً ومؤْتَزِرَهْ
ناهيكَ مِنْ خلوَةٍ وملتزمٍ
ورَشْفِ ثَغرٍ وريقَةٍ خَصِرَهْ
ومن ثمارٍ على التّرائِبِ في
صحيحةِ الصَّدْرِ غيرِمُنكسِرَهْ
وذاتِ لومٍ تَظَلُّ تعذلُني
وهيَ مِنَ الَّومِ غيرُ مزدَجَرَهْ
يا هذِهِ قُلْتُ فاسمَعِي لِفَتىً
في حَالِهِ عِبْرَةٌ لَمُعْتَرَهْ
أمرتِ بالصَّبرِ والسّلُوِّ وَلَوْ
عَشِقْتِ أُلفيتِ غَيْر مصطَبِرَهْ
مَنْ مُبْلِغٌ إِخْوَتِي وإِنْ بَعُدُوا
أنَّ حياتي لِبُعدِهِمْ كَدِرَهْ
قد هِمْتُ شوقاً إلى وُجُوهِهِمْ
تلكَ الوُجُوهِ البهيَّةِ النَّضِرهْ
أَبناءُ مُلْكٍ عُلاَهُمْ بِهِمْ
عَلَى العُلاَ والفتخَارِ مفتَخَرَهْ
ترمي بِهمْ نعمةٌ يُزَيِّنُهَا
مروءَةٌ لَمْ تَكُنْ تُرَى نُزُرَهْ
ما انفَكَّ ذا الخلقُ بينَ منتصرٍ
على الأعادِي بهمْ ومنتَصِرَهْ
جبالُ حِلْمٍ بُدُورُ أَندِيَةٍ
أُسْدُ وَغىً في الهياجِ مبتَدِرَهْ
بِيضٌ كِرامُ الفعالِ لا بُخُلُ
الأَيْدِي وليسَتْ مِنَ النَّدَى صُفْرَهْ
للناسِ منهُمْ منافِعٌ وَلَهُمْ
مَنَافِعٌ في الأَنامِ مشتَهِرَهْ
متى أراني بمِصرَ جَارَهُمُ
نَسْبِي بِهَا كلَّ غادةٍ خَضِرَهْ
والنيلُ مستكمِلٌ زيادَتَهُ
مثلُ دروعِ الكُمَاةِ منتَثِرَهْ
تَغْدُو الزّوارِيقُ فيهِ مُصْعَدَةٌ
بنا وطوراً تَروحُ منحَدِرَهْ
والرَّاحُ تَسعَى بِهَا مذكّرَةٌ
أَردَانُهَا بالعبِيرِ مختَمِرهْ
بكرانِ لكِنْ لهذهِ مائةٌ
وتلكَ ثنتَانِ واثنَتَا عَشَرَهْ
يا ليتني لَم أَرَ العِراقَ ولَمْ
أسمَعْ بذكرِ الأهْوازِ والبَصَرَهْ
ترفعُنِي تَارَةَ وتخفضُنِي
أُخرى فمِنْ سَهْلَةٍ وَمِنْ وَعِرَهْ
مِنْ فوق ظَهْرِ سلهبيَّةٍ
قِطَانُها والبدارُ مغتَفِرَهْ
وتارةً في الفراتِ طامِيةٌ
أمواجُه كالخَيَالِ مُعْتَكِرَهْ
حتَّى كأَنَّ العراقَ تعشَقُنِي
أَو طالَبَتِني يَدُ النَّوَى بِتِرَهْ