شاعر الشهور
المظهر
شاعر الشهور
" أيّار "، يا شاعر الشهور
و بسمة الحبّ في الدهور
و خالق الزهر في الروابي
و خالق العطر في الزهور
و باعث الماء ذا خرير
و موجد السحر في الخرير
و غاسل الأفق و الدراري
و الأرض بالنور و العبير
لقد كسوت الثّرى لباسا
أجمل عندي من الحرير
ما فيك قرّ و لا هجير
ذهبت بالقرّ و الهجير
فلا ثلوج على الروابي
و لا غمام على البدور
أتيت فالكون مهرجان
من اللّذاذات و الحبور
أيقظت في الأنفس الأماني
و الابتسامات في الثغور
و كدت تحيي الموتى البوالي
و تنبت العشب في الصخور
و تجعل الشوك ذا أريج
و تجعل الصخر ذا شعور
فأينما سرت صوت بشرى
و كيفما ملت طيف نور
تشكو إليك الشتاء نفسي
و ما جناه من الشرور
كم لذّع الزّمهرير جلدي
و دبّ حتى إلى ضميري
فلذت بالصوف أتّقيه
فاخترق الصوف كالحرير
و كم ليال جلست وحدي
منقبض الصدر كالأسير
يهتزّ مع أنملي كتابي
و يرجف الحبر في السطور
تعول فيها الرياح حولي
كنائحات على أمير
و الغيث يهمي بلا انقطاع،
و الرعد مستتبع الزئير
و اللّيل محلولك الحواشي
و صامت البدء و الأخير
و الشهب مرتاعة كطير
مختبئات من الصقور
في غرفتي موقد صغير
لله من موقدي الصغير!
يكاد ينقدّ جانباه
من شدّة الغيظ لا السعير
لولا لظاه رقصت فيها
بغير دفّ على سريري
و ساعة وجهها صفيق
كأنّه وجه مستعير
أبطأ في السير عقرباها
فأبطأ الوقت في المسير
حتّى كأنّ الزمان أعمى
يمشي على الشوك في الوعور
كنّا طوينا المنى و قلنا:
ما للأماني من نشور
فلو يزور الصدور حلم
عرّج منها على قبور
لقد تولّى الشتاء عنّا
فصفّقي، يا منى و طيري!