سنا برق تبلج واستنارا
المظهر
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
أثارَ من الصَّبابة ما أثارا
وهاج لي الغرام وهيّجت بي
فؤاداً يا أميمة مستطارا
فبرقاً شمته والليل داج
كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ
يشقّ من الدّجى نقهاً مثار
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى
فأبكاني کشتياقاً وادّكارا
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي
ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ
سحبت من الشباب به إزارا
وعهد هوىً لأيام التصابي
وإنْ كانَتْ لياليه قصارا
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها
على طربي وعاقرتُ العقارا
وكم من لذّةٍ بكُمَيْت راحٍ
أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا
منظمة الحباب كأنّ كسرى
أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا
فلو طار السرور بمجتليها
على الندمان يومئذٍ لطارا
وقد كان الشباب لنا لبوساً
يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ
وما استرجعتُ حليا مستعارا
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ
ولم أنكرْ من الظبي النفارا
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي
ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ
وأستقري المنازل والديارا
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ
أُعاني ما تُعانيه البوارا
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً
ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي
وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ
ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا
أضرَّ بك الهوى لا باختيار
وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ
وصبَّ على معالمها القطارا
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي
وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا
معلَّلتي بممرضتي حديثاً
لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا
بمن لا زلت تحييني التفاتاً
وتقتلني صدوداً وازوارا
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا
وألطف من ظبا البيض احورارا
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو
بأحشائي لها جرحاً جُبارًا
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها
سكارى والنفوس بها سكارى
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني
تجاريبي سرائرهم جهارا
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي
وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار
بمجد محمد كانت صغاراً
بأهداهم إلى المعروف برّاً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
وكم لحقته في ميدان فضل
فما شقَّتْ له فيه غبارا
بروحي من إذا ما جار خطبٌ
فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا
يرى في ظلّه العافون عيشاً
يروقُ العينَ بهجته اخضرارا
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً
بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا
ويرعى في صنائعهِ ذماراً
بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا
تبصَّر في الأمور وحنكته
التجاريب اختباراً واعتبارا
وحلَّته فضائله بحليٍ
لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي
فما يأتي بها إلاّ ابتكارا
وما زالت كرام بني زهير
خياراً تنتجُ القوم الخيارا
نجارُ أبوَّةٍ ونتاج فخرٍ
فحيّا الله ذياك النجارا
هم الجبل المنيع من المعالي
يُجيرُ من الخطوب من کستجارا
وإنَّ محمداً أندى يميناً
وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً
وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى
إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى
فسبحان الذي أعطاك حلماً
فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ
يريك ظلامَ حندسهِ نهارا
عليك الناس ما برحتْ عيالاً
ولم تبرح لدائرها مدارا
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً
وتوصحُ من سناك لهم منارا
لك النظر الدّقيق يلوح منهم
هُدى قومٍ به كانتْ حيارى
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ
يراكَ به المشيرُ المستشارا
لقد سارَتْ مناقبك السواري
فما کتخذت لها في الأرض دارا
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها
بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى
وما استقصتْ مدائحك القوافي
نظاماً في علاك ولا نثارا
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها
فقد تتلى کقتصاراً واختصارا