سل المقادير ما أحببته تجب
المظهر
سلِ المقاديرَ ما أحببتهُ تجبِ
سلِ المقاديرَ ما أحببتهُ تجبِ
فما لها غيرُ ما تهواهُ منْ أرب
وَاطلبْ بهذي الظبى ماعزَّ مطلبهُ
فما على الأرضِ منْ يثنيكَ عنْ طلبِ
وَكَيْفَ تَعْصي مُلُوكُ الأَرْضِ ذا هِمَمٍ
تَجُوزُ أَحْكامُهُ في السَّبْعَةِ الشُّهُبِ
رِيعُوا فَما دَفَعُوا ضَيْماً وَلا كَرَبُوا
أنْ يكشفوا بعضَ ما كشفتَ منْ كربِ
طالوا مقالاً وَفي أفعالهمْ قصرٌ
وَلنْ تراعَ الخطوبُ السودُ بالخطبِ
وَحاولوا المجدَ منْ طرقٍ مشبعةٍ
وَجِئْتَهُ مِنْ طَريقٍ غَيْرَ مُنْشَعِبِ
لا يذهلِ الناسُ ما خولتَ منْ شرفٍ
فمنْ سعى سعيكَ استولى على القصبِ
بَأْسٌ تَحُوطُ الْغَرِيبَ الأَجْنَبِيَّ بِهِ
كَمَا تَذودُ الأَذى عَنْ جَارِكَ الْجُنُبِ
وَنائلٌ ظلَّ ذو وفرٍ كمفتقرٍ
فِيهِ الْغَداةَ وَنَاءٍ مِثْلَ مُقْتَرِبِ
كذلكَ النارُ في نفعٍ وَفي ضررٍ
ميممٌ نورها مرهوبةُ اللهبِ
وَنخوةٌ ما يزالُ الدهرَ يمنعها
مستحسنُ الجدَّ عنْ مستقبحِ اللعبِ
يرى سواكَ إذا ما جاءَ مفتخراً
يوماً أحالَ على آبائهِ النجبِ
فاعلُ الورى غيركُ المسؤولُ عن نسبٍ
قَاصٍ وَحَسْبُكَ مَا أُوتِيتَ مِنْ حَسَبِ
وَأنتَ منْ ترفعُ الأشرافَ خدمتهُ
وَالانتماءُ إليهِ أشرفُ النسبِ
وَما خفيتَ على ذي فطتةٍ نسباً
إِذَا النَّدى وَالْوَغى قالاَ لَكَ انْتَسَبِ
بَنَيْتَ لِلْعَجَمِ الْمَجْدَ الْمُبَلِّغَهُمْ
مجداً بناهُ رسولُ اللهِ للعربِ
لقدْ حمى الحاكمُ المنصورُ دولتهُ
بِقَوْلِهِ انْتَجِبِ الْفُرسانَ وَانْتَخَبِ
ثُمَّ انْتَضَاكَ آبْنُهُ سَيْفاً زَمَانَ طَغَتْ
أَعْداؤُهُ فَرَماها مِنْكَ بِالعَطَبِ
فحينَ أربيتَ قالَ ابنُ ابنهِ اعتضدي
يا دولتي بفتى جدي وَسفِ أبي
أرى نصيبكَ منْ عزًّ وَمنْ شرفٍ
نصيبَ شانيكَ منْ همًّ وَمنْ نصبِ
لاَذَتْ بِكَ الْعَرَبُ الْعَرْباءُ وَاعْتَلَقَتْ
منْ جودِ كفكَ حبلاً غيرَ منقضبِ
أصفيتها المالَ شراباً وَالعلى كلأً
منْ بعدِ أنْ رضيتْ بالماءِ وَالعشبِ
ناقضتَ حكمهمُ لما أبحتهمُ
ما قدْ سلبتَ بأطرافِ القنا السلبِ
فَقَدْ صَفَا لَكَ إِعْلاَناً وَمُعْتَقَداً
منْ لمْ يزلْ في طريقِ الخبَّ ذا خببِ
أعدمتها الجهلَ وَالإعدامَ مذْ وجدتْ
فِي ظِلِّكَ الرَّغَبَ الْمَخْلُوطَ بِالرَّهَبِ
فِي ظِلِّ أَرْوَعَ إِنْ تَسْأَلْهُ مُنْفِسَهُ
يهبْ وَإنْ باشرَ الهيجاءَ لمْ يهبِ
ندى متى ينزلِ العافونَ عقوتهُ
يصبْ وَعزمٌ متى يرمِ العدى يصبِ
يبثُّ في كلَّ أرضٍ للعدوَّ نأتْ
ذِكْراً يَقُومُ مَقَامَ الْجَحْفَلِ اللَّجِبِ
إنَّ الجزيرةَ بابٌ ظلتَ توسعهُ
هزاً وَلمْ يبقَ غيرُ الفتحِ فارتقبِ
بَابُ الْعِرَاقِ فَإِنْ جَاءَ الْبَشِيرُ بِهِ
وافى المبشرُ منْ بغدادَ بالعقبِ
وَكَمْ سَعَيْتَ لِحَظٍّ كُنْتَ تَلْحَظُهُ
فَزَادَكَ الْجِدُّ حَظّاً غَيْرَ مُرْتَقَبِ
وَكَمْ فَتَحْتَ بِلاَداً غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
وَالسمرُ مركوزةٌ وَالبيضُ في القربِ
َلاَ يَغُرَّ نُمَيْراً أَنَّهَا سَلِمَتْ
لَيْسَ السَّلامَةُ مِنْ ذَا الْعَزْمِ بِالْهَرَبِ
نحوا فحينَ أحسوا باللقاءِ نجوا
يَاقُرْبَ هَذَا الرِّضى مِنْ ذلِكَ الْغَضَبِ
هموا فمذْ نزلوا بالشطَّ شطَّ بهمْ
عنْ سورةِ الحربِ ما خافوا منَ الحربِ
حَتَّى إِذَا نَزَلَتْ صِرِّينَ مُقَبِلَةً
جاشتْ بحارُ ردى طمتْ على القلبِ
ألاَّ ثنوها وَقدْ ظلتْ عجاجتها
أولى بسترِ عذاراهم منَ النقبِ
خَيْلٌ أَثَارَتْ غَدَاةَ الْعَبْرِ أَرْجُلُهَا
مَاءً حَكى نَقْعَهَا فِي الْمَرْكَضِ التَّرِبِ
طالَ القنا طامحاً حتى لقدْ ركزتْ
مِنْ قَبْلِ طَعْنِ الْعِدى مُبْتَلَّةَ الْعَذَبِ
وَعادَ بعدَ بلوغِ الجوَّ منعكساً
كَأَنَّمَا جَادَ تِلْكَ الأَرْضَ مِنْ سُحُبِ
تَفَرَّقَ الْجَمْعُ لَمَّا أَقْبَلَتْ زُمَراً
تَفَرُّقَ السِّرْبِ لَمَّا رِيعَ بِالسُّرَبِ
كالطيرِ تحملُ آساداً تظللها
طيرٌ مواردها قاني الدمِ السربِ
هذي تفورُ إذا نارُ اللقاءِ خبتْ
وَتلكَ إنْ تخبُ منْ قبلِ الردى تخبِ
وَأحدقوا بأبي كعبٍ لينصرهمْ
وَهلْ تراعُ ليوثُ الغابِ بالشببِ
أوْ يحتمي مستجيرُ الرومِ منْ ملكٍ
يُزْجِي الْكَتَائِبَ مِلءَ الأَرضِ بِالكُتُبِ
لا يصطلَ الرومُ جهلاً ما يشبُّ لهمْ
رَبُّ الْعُلى لَمْ تُشَبْ وَالْجُودِ لَمْ يُشَبِ
وَلتجتنبْ بطشَ ألوى حدُّ سطوتهِ
ألوى بمنْ ردها منكوسةَ الصلبِ
نجمٌ بسيفكَ منْ بعدِ الوقودِ خبا
فَحُزْتَ مَالَكَ دُونَ الْعَالَمِينَ خُبي
وأَيْنَ مِنْكَ ابْنُ حَمْدانَ المُرَوِّعُهُم
وَمِنْ مَمَالِيكَكَ الوَالِي عَلَى حَلَبِ
هُمُ الْمَوالي وَإِنْ خَوَّلْتَهُمْ خَوَلاً
حظاً منَ الجودِ وَالإقدامِ وَالأدبِ
همُ الموالي وَإنْ خولهمْ خولاً
مَاضَرَّ مِنْ يُوسُفٍ أَنْ بيعَ في الجَلَبِ
وَلَّيْتَهُمْ مَا تَوَلَّتْهُ الْمُلُوكُ لَقَدْ
أبىَ اعتزامكَ ما نالتْ منَ الرتبِ
كأنَّ مجدكَ وَهوَ الدهرَ في صعدٍ
منْ فرطِ إسراعهِ ينحطُّ في صببِ
مَلَكْتَنَا مُلْكَ مَوْلىً عَزَّ مَقْدُرَةً
وَحطتنا حانياً كالوالدِ الحدبِ
لاَ يرضَ عزمكَ شطرَ الأرضِ مملكةً
فشطرها في ضمانِ السمرِ وَالقضبِ
وَلا تُسَالِمْ عَدُوّاً أَنْتَ قَاهِرُهُ
قد أمكنتكَ كؤوسَ الحمدِ فانتخبِ
فكلُّ ملكِ دعاكَ اليومَ منْ بعدٍ
فإنهُ في غدٍ يدعوكَ منْ كثبِ
هواكَ أذهلني عنْ ذكرِ كلَّ هوىً
فما أجيءُ بشعرٍ غيرِ مقتضبِ
أمنتني بالعطاءِ الغمرِ منْ عدمٍ
وَبِالْمَسَاعِي إِذَا أَثْنَيْتُ مِنْ كَذِبِ
وَقدْ شفعتَ الغنى لي بالعلى كرماً
فَصِرْتُ ذَا نَسبٍ في الْمَجْدِ وَالنَّشَبِ
فَدُلَّني أَيمّا الثِّقْلَيْنِ أَحْمِلُهُ
ثِقْلِ اصْطِنَاعِكَ لِي أَمْ ثِقْلَ صُنْعِكَ بِي
قدْ شدَّ أزريَ أنَّ الشعرَ سببٌ
وَأنَّ هذا الذي يغني بلاَ سببِ
إنْ لمْ تغصْ ليَ أفكاري على مدحٍ
تُغْرِي البَعِيدَ مِنَ الأَطْرابِ بِالطَّرَبَ
فَلاَ بَلَغْتُ مَدَى مَحْيايَ أَيْسرَ مَا
أرجو وَلاَ نلتُ عفواً يومَ منقلبي
مَضى الصِّيَامُ وَمَا أَجْرٌ بِمُطَّرَحٍ
فِيمَا فَعَلْتَ وَلاَ وِزْرٌ بِمُحْتَقَبِ
وَعَاوَدَ الْعِيدُ فَکسْلَمْ مَا أَتى وَمَضى
مُعَظَّمَ الْقَدْرِ مَحْرُوساً مِنَ النُّوَبِ
أما الحجيجُ فقدْ أوضحتَ نهجهمُ
ما بينَ ذي وطنٍ دان وَمغتربِ
وَلاَ يُخِيبُ إِلهُ الْخَلْقِ سَعِيَهُمُ
وَقَدْ سَمِعْتَ دُعَاءَ الْقَوْمِ مِنْ كَثَبِ
سَيْفَ الْخِلاَفَةِ دُمْ حِلْفَ الْمَضَاءِ كَذَا
إِنَّ الْخُطُوبَ إِذَا لَمْ تَنْبُ لَمْ تَنُبِ
وَعشْ لدولةِ حقًّ تعضدها
فإنها منكَ قدْ دارتْ على قطبِ