رمينا بأدهى المعضلات النوائب
المظهر
رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
وفقدُ الذي نرجو أجلُّ المصائب
وغائب قوم لا يرجّى إيابه
وما غائب تحت التراب بآيب
نؤمِّل في الدنيا حياةً هنيةً
وما نحن إلاّ عرضة للمصائب
ونَغْتَرُّ في برق المنى وهو خلَّبُ
وهيهات ما في الآل ماءٌ لشارب
نصدّقُ آمالاً محالاً بلوغها
ومن أعجب الأشياء تصديق كاذب
تسالِمُنا الأيام والقصد حَرْبُنا
وما هي إلاّ خدعة من محارب
ونطمع أن تبقى ويبقى نعيمُها
فلم يبق منها غير حسرة خائب
فلا تحسبن الدهر يوفي بعهده
أبي الله أن يرعى ذماراً لصاحب
وإنّ الليالي لا تدوم بحالة
وهل تترك الأحداث كسباً لكاسب
يروقك منها ما يسوؤك أمرها
وإنَّ الردى ما راق من حد قاضب
وجود الفتى نفس الحمام لنفسه
فلولاه لم يسلك سبيل المعاطب
وتسعى به أنفاسه لحمامه
وكم أصبح المطلوب يسعى لطالب
كأنّا من الآجال وهي كواسر
من الأسد الضرغام بين المخالب
ولا يدفع السيفُ المنيَّة والقنا
وتمضي سيوف الله من غير ضارب
وكلٌّ لمطلوب الردى وهو لاعب
كأنَّ المنايا لا تجدُّ بلاعب
فمن لفؤاد راعه فقد إلْفِهِ
فأصبح من أشجان نهب ناهب
وجفن يهلُّ الدمع من عبراته
على طيّب الأعراق وابن الأطايب
على عمر الرماضان ذي الفضل والنهى
أحاطت بي الأحزان من كلِّ جانب
أذَبْتُ عليه يوم مات حشاشتي
وأمسيت في قلبٍ من الحزن ذائب
بكيت وما يجدي الحزينَ بكاؤه
وضاقت علينا الأرض ذات المناكب
فتىً كان فينا حاضراً كلَّ نكبة
فغاب ولكن ذكره غير غائب
تذكّرني آثاره بفعاله
فأبكي عليها بالدموع السواكب
صبور على البلوى غيور إذا انتخى
جميل السجايا الشمِّ جمّ المناقب
وما زال بالآداب والفضل مفعماً
ولكّنه إّ ذاك صفر المصائب
وقد كان مثل الشهد يحلو وتارة
لكالصلِّ نَفّاثاً سموم العقارب
وكم أخبر التجريب عن كنه حاله
ويَظْهَرُ كَنهُ المرء عند التجارب
لسان كحدّ السيف ماضٍ غرارهُ
وأمضى كلاماً من شفار القواضب
وكم صاغ من تبر القريض جمانة
وأفرغ معناها بأحسن قالب
وزانت قوافيه من الفضل ألإقه
فكانت كأمثال النجوم الثواقب
وأدرك فضلَ الأوَّلين بما أتى
فقصرّ عن إدراكه كلُّ طالب
معانٍ بنظم الشعر كان يرومها
أدقّ إذا فكرت من خصر كاعب
لوى ساعد المجد المنون من الورى
بموت أشمٍّ من لؤي بن غالب
فتىً كان يصميني الرَّدى في حياته
ولما توفيّ كان أدهى مصائبي
فتىً ظلت أبكي منه حيّاً وميّتاً
أصبتُ على الحالين منه بصائب
رَعَيْتُ له من صحبة كلَّ واجب
ولو ان حيّاً ما رعى بعض واجبي
سقى الله قبراً مزنة الحيا
وبُلّغَ في الجنّات أعلى المراتب
ولا زال ذاك القبر ما ذرَّ شارق
تجودَ عليه ذاريات السحائب
ألا يا شهاب الدين صبراً على الأسى
وليس يهون الصعب عند الصعائب
نعزيك بالقربى على كل حالة
وفي عزّ ربّ المجد عزّ الأقارب
فإنك أرعى من عليها مودة
وإنك أوفى ذمةً للمصاحب
وإنكَّ ممن يهتدي بعلومه
كما يهتدي الساري بضوء الكواكب
عن البحر عن كفيك نروي عجائباً
ولا حَرَجٌ فالبحر مأوى العجائب
إذا كنتَ موجوداً فكليّ مطامع
ونيل الثريا من أقلِّ مآربي