خف القطين فراحوا منك أو بكروا
المظهر
خَفَّ القطينُ، فراحوا منكَ، أوْ بَكَروا
وأزعجتهم نوى في صرفْها غيرُ
كأنّني شارِبٌ، يوْمَ اسْتُبِدَّ بهمْ
من قرقفٍ ضمنتها حمصُ أو جدرُ
جادَتْ بها مِنْ ذواتِ القارِ مُتْرَعةٌ
كلْفاءُ، يَنْحتُّ عنْ خُرْطومِها المَدرُ
لَذٌّ أصابَتْ حُميّاها مقاتِلَهُ
فلم تكدْ تنجلي عنْ قلبهِ الخُمرُ
كأنّني ذاكَ، أوْ ذو لَوْعةٍ خَبَلَتْ
أوْصالَهُ، أوْ أصابَتْ قَلْبَهُ النُّشَرُ
شَوْقاً إليهِمْ، وَوجداً يوْمَ أُتْبِعُهُمْ
طرْفي، ومنهم بجنبيْ كوكبٍ زُمرُ
حثّوا المطيّ، فولتنا مناكبِها
وفي الخدورِ إذا باغمتَها الصوَرُ
يبرقنَ بالقومِ حتى يختبِلنهُمْ
ورأيهُنَّ ضعيفٌ، حينَ يختبرُ
يا قاتلَ اللهُ وصلَ الغانياتِ، إذا
أيقنَّ أنكَ ممنْ قدْ زها الكبرُ
أعرضنَ، لما حنى قوسي مُوترها
وابْيَضَّ، بعدَ سَوادِ اللِّمّةِ، الشّعَرُ
ما يَرْعوينَ إلى داعٍ لحاجتِهِ
ولا لهُنَّ، إلى ذي شَيْبَةٍ، وَطَرُ
شرقنَ إذْ عصرَ العِيدانُ بارحُها
وأيْبسَتْ، غَيرَ مجْرَى السِّنّةِ، الخُضَرُ
فالعينُ عانيةٌ بالماء تسفحهُ
مِنْ نِيّةٍ، في تلاقي أهْلِها، ضَرَرُ
منقضبينَ انقضابَ الحبلِن يتبعهُم
مِنَ الشّقيقِ، وعينُ المَقْسَمِ الوَطَرُ
ولا الضِّبابَ إذا اخْضَرَّتْ عُيونُهُمُ
أرْضاً تَحُلُّ بها شَيْبانُ أوْ غُبَرُ
حتى إذا هُنَّ ورَّكْنَ القَضيمَ، وقَدْ
أشرقنَ، أو قلنَ هذا الخندقُ الحفرُ
إلى امرئٍ لا تعدّينا نوافلهُ
أظفرهُ اللهُ، فليهنا لهُ الظفرُ
ألخائضِ الغَمْرَ، والمَيْمونِ طائِرُهُ
خَليفَةِ اللَّهِ يُسْتَسْقى بهِ المطَرُ
والهمُّ بعدَ نجي النفسِ يبعثه
بالحزْمِ، والأصمعانِ القَلْبُ والحذرُ
والمستمرُّ بهِ أمرُ الجميعِ، فما
يغترهُ بعدَ توكيدٍ لهُ، غررُ
وما الفراتُ إذا جاشتْ حوالبهُ
في حافتيهِ وفي أوساطهِ العشرُ
وذَعْذعَتْهُ رياحُ الصَّيْفِ، واضطرَبتْ
فوقَ الجآجئ من آذيهِ غدرُ
مسحنفرٌ من جبال الروم يسترهُ
مِنْها أكافيفُ فيها، دونَهُ، زَوَرُ
يوماً، بأجْودَ مِنْهُ، حينَ تَسْألُهُ
ولا بأجهرَ منهُ، حين يجتهرُ
ولمْ يزَلْ بكَ واشيهِمْ ومَكْرُهُمُ
حتى أشاطوا بغَيْبٍ لحمَ مَنْ يَسَرُوا
فلَمْ يَكُنْ طاوِياً عنّا نصِيحَتَهُ
وفي يدَيْه بدُنْيا دونَنا حَصَرُ
فهو فداءُ أميرِ المؤمنينَ، إذا
أبدى النواجذَ يومٌ باسلٌ ذكرُ
مفترشٌ كافتراشِ الليث كلكلهُ
لوقعةٍ كائنٍ فيها لهُ جزرُ
مُقَدِّماً مائتيْ ألْفٍ لمنزِلِهِ
ما إن رأى مثلهمْ جنّ ولا بشرُ
يَغْشَى القَناطِرَ يَبْنيها ويَهْدِمُها
مُسَوَّمٌ، فَوْقَه الرَّاياتُ والقَتَرُ
قَوْمٌ أنابَتْ إليهِمْ كلُّ مُخْزِيةٍ
وبالثويةِ لم ينبضْ بها وترُ
وتَسْتَبينُ لأقوامٍ ضَلالَتُهُمْ
ويستقيمُ الذي في خدهِ صعرُ
ثم استقلَّ باثقال العراقِ، وقدْ
كانتْ لهُ نقمةٌ فيهم ومدخرُ
في نَبْعَةٍ مِنْ قُرَيشٍ، يَعْصِبون بها
ما إنْ يوازَى بأعْلى نَبْتِها الشّجَرُ
تعلو الهضابِ، وحلّوا في أرومتها
أهْلُ الرّياء وأهْلُ الفخْرِ، إنْ فَخَروا
حُشْدٌ على الحَقّ، عيّافو الخنى أُنُفٌ
إذا ألمّتْ بهِمْ مَكْروهَةٌ، صبروا
وإن تدجتْ على الآفاقِ مظلمةٌ
كانَ لهُمْ مَخْرَجٌ مِنْها ومُعْتَصَرُ
أعطاهُمُ الله جداً ينصرونَ بهِ
لا جَدَّ إلاَّ صَغيرٌ، بَعْدُ، مُحْتقَرُ
لمْ يأشَروا فيهِ، إذْ كانوا مَوالِيَهُ
ولوْ يكونُ لقومٍ غيرهمْ، أشروا
شمسُ العداوةِ، حتى يستقادَ لهم
وأعظمُ الناس أحلاماًن إذا قدروا
لا يستقلُّ ذوو الأضغانِ حربهمُ
ولا يبينُ في عيدانهمْ خورُ
هُمُ الذينَ يُبارونَ الرّياحَ، إذا
قَلَّ الطّعامُ على العافينَ أوْ قَتَروا
بني أميّةَ، نُعْماكُمْ مُجَلِّلَةٌ
تَمّتْ فلا مِنّةٌ فيها ولا كَدَرُ
بني أُميّةَ، قدْ ناضَلْتُ دونَكُمُ
أبناءَ قومٍ، همُ آووا وهُمْ نصروا
أفحمتُ عنكُم بني النجار قد علمت
عُلْيا مَعَدّ، وكانوا طالما هَدَرُوا
حتى استكانوا: وهُم مني على مضضٍ
والقولُ ينفذُ ما لا تنفذُ الإبرُ
بَني أُميّةَ، إنّي ناصِحٌ لَكُمُ
فَلا يَبيتَنَّ فيكُمْ آمِناً زُفَرُ
وأَتْخِذوهُ عَدُوّاً، إنَّ شاهِدَهُ
وما تغيبَ من أخلاقهِ دَعرُ
إن الضغينةَ تلقاها، وإن قدُمتْ
كالعَرّ، يَكْمُنُ حِيناً، ثمّ يَنْتشِرُ
وقَدْ نُصِرْتَ أميرَ المؤمنين بِنا
لمّا أتاكَ ببَطْنِ الغُوطَةِ الخَبَرُ
يعرفونكَ رأس ابن الحُبابِ، وقدْ
أضحى، وللسيفِ في خيشومهِ أثرُ
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُهُ
وليسَ ينطقُ، حتى ينطقَ الحجرُ
أمْسَتْ إلى جانبِ الحَشاكِ جيفَتُهُ
ورأسهُ دونهُ اليحمومُ والصُّوَرُ
يسألُهُ الصُّبْرُ مِن غسّان، إذ حضروا
والحزنُ كيف قراكَ الغلمةُ الجشرُ
والحارثَ بن أبي عوفٍ لعبنَ بهِ
حتى تعاورَهُ العقبانُ والسبرُ
وقيس عيلان، حتى أقبلوا رقصاً
فبايعوكَ جهاراً بعدما كفروا
فلا هدى اللَّهُ قَيساً مِن ضَلالتِهِمْ
ولا لعاً لبني ذكوانَ إذا عثروا
ضجّوا من الحرب إذا عضَّت غوارَبهمْ
وقيسُ عيلان من أخلاقها الضجرُ
كانوا ذَوي إمةٍ حتى إذا علقتْ
بهمْ حبائلُ للشيطانِ وابتهروا
صُكّوا على شارِفٍ، صَعْبٍ مَراكبُها
حَصَّاءَ لَيْسَ لها هُلْبٌ ولا وبَرُ
ولمْ يَزَلْ بِسُلَيْمٍ أمْرُ جاهِلِها
حتى تعايا بها الإيرادُ والصدرُ
إذْ يَنظُرون، وهُمْ يجْنون حَنْظَلَهُمْ
إلى الزوابي فقلنا بعدَ ما نظروا
كروا إلى حرتيهم يعمُرونَهُما
كما تكرُّ إلى أوطانها البقر
وأصْبحَتْ مِنهُمُ سِنْجارُ خالِيَةً
والمحلبياتُ فالخابورُ فالسرَرُ
وما يُلاقونَ فَرَّاصاً إلى نَسَبٍ
حتى يُلاقيَ جَدْيَ الفَرْقَدِ القَمَرُ
وما سعى فيهم ساعٍ ليدرِكنا
إلا تقاصرَ عنا وهوَ منبهرُ
وقد أصابتْ كلاباً، من عداوتنا
إحدى الدَّواهي التي تُخْشى وتُنْتَظَرُ
وقد تفاقمَ أمرٌ غير ملتئمٍ
ما بَيْنَنا رَحِمٌ فيهِ ولا عِذَرُ
أما كليبُ بن يربوعِ فليسَ لهمْ
عِنْدَ التّفارُطِ إيرادٌ ولا صدَرُ
مخلفونَ، ويقضي الناسُ أمرهمُ
وهُمْ بغَيْبٍ وفي عَمْياءَ ما شَعروا
مُلَطَّمونَ بأعْقارِ الحِياضِ، فما
ينفكّ من دارمي فيهم أثرُ
بئس الصحاةُ وبئس الشربُ شربهُمُ
إذا جرى فيهمِ المزاءُ والسكرُ
قوم تناهت اليهم كل فاحشة
وكل مخزية سبت بها مضر
على العِياراتِ هَدّاجونَ، قدْ بلَغَتْ
نَجْرانَ أوْ حُدّثتْ سوءاتِهم هَجَرُ
الآكلون خبيثَ الزادِ، وحدهُمُ
والسائلون بظهرِ الغيبِ ما الخبرُ
واذكرْ غدانةً عداناً مزنمةً
مِن الحَبَلَّقِ تُبْنى حوْلها الصِّيَرُ
تُمْذي، إذا سَخَنَتْ في قُبلِ أذْرُعِها
وتزرئِمُّ إذا ما بلها المطرُ
وما غُدانَةُ في شيء مكانَهُمُ
الحابسو الشاءَ، حتى يفضلَ السؤرُ
يتصلونَ بيربوعِ ورفدهمُ
عِنْدَ التّرافُدِ، مغْمورٌ ومُحْتَقَرُ
صُفْرُ اللِّحى مِن وَقودِ الأدخِنات، إذا
ردّ الرفادَ وكفَّ الحالبِ القررُ
وأقسمَ المجدُ حقاً لا يحالفهمْ
حتى يحالفَ بطنَ الراحةِ الشعرُ