انتقل إلى المحتوى

حيى ربوع الحي من نعمان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

حيى ربوع الحي من نعمان

​حيى ربوع الحي من نعمان​ المؤلف لسان الدين الخطيب


حيى ربوع الحي من نعمان
جود الحيا وسواجم الأجفان
دار عهدت بها الشبيبة دوحة
طيب الحياة بيها جني دان
أيام جفن الدهر عنا مطبق
فيها وأجفان السعود روان
بتنا نجر بها برود عفافنا
قشب الجيوب صوافي الأردان
في فتية يتحاورون بدائعا
كلقيط در أو سقيط جمان
وإذا ثنتهم أريحية مطرب
قلت النعامى في غصون البان
غاض الزمان بها تنعم عيشة
فأحالها والدهر ذو الوان
وسروا وقد أقعى الظلام وغممت
نهر الثريا غابة السرطان
فالسهد بعدهم أليف محاجر
والوجد إثرهم حليف جنان
حسبي من الأيام أني بعدهم
لا أبتغي سببا إلى السلوان
ولرب معتاد السفار رمت به
أيدي الركاب نوازح البلدان
ألف الترحل لا يقيم ببلدة
إلا مقام العذل في الأذان
عاطيته راحا من الأدب الذي
مزجت سلافته بصرف بيان
وهززت دوح بدائهي فتساقطت
رطب المعاني تستفز الجان
فأصاخ مستمعا وقال تعجبا
إن الخمول نتيجة الأوطان
ولأنت يا هذا ضياع مغفل
بين الكساد ومرخص الأثمان
هلا سلكت ذرى قلوصك ظاعنا
لتحل إعظاما ذرى كيوان
تصدى سيوف الهند في أجفانها
والفخر إن بانت على الأجفان
إن التواني جد مستودع الشقى
وكذا الهوينى أم كل هوان
فأجبته ليس التنقل مذهبي
كلا ولاحت الركائب شان
أي البلاد ألم أم أي الورى
أبغي فأصرف نحو ذاك عنان
وبباب مولانا المؤيد يوسف
ما شئت من حسنى ومن إحسان
النهر من مضربه والقطر من
لدم وروض الشعب من إيوان
وسحاب جود يمينه لا ينثني
تسكابها عن وابل هتان
أيقنت لما أن مثلت ببابه
أن النجوم تشوفت لمكان
شاهدت كسرى منه في إيوانه
ولقيت رب التاج من غمدان
من آل سعد الخزرج بن عبادة
صحب الرسول وأسرة الفرقان
المؤثرين على النفوس بزادهم
والمفعمين حقائب الضيفان
إن سوبقوا سبق المدى أو كوثروا
فهم النجوم علا وعز مكان
قوم إذا لاثوا العمائم واحتبوا
ذلت لعزهم ذوو التيجان
أو قام في نادي الملوك خطيبهم
خروا له رهبا على الأذقان
أسليل مجدهم وسبط فخارهم
ومؤمل القاصي وقصد الدان
أعليت بنيانا على ما أسسوا
فتعاضد البنيان بالبنيان
فهم الأصول زكت ولكن إنما
فضل الجنى من شيمة الأفنان
عجبا لمن يعتد دونك جنة
وغرار سيفك في يد الرحمان
ولمن عصاك وظن أن ستجيره
أنصار جار أو سحيق مكان
لكم جنى نصر مآثر لم تكن
لبني الرشيد ولا بني مروان
باهت بلادكم البلاد فأصبحت
غرناطة تزهى على بغدان
قمتم بأمر الله في أقطارها
ما بين غلظة قدرة وليان
قدتم بها الجرد المذاكي شردا
غبر النواصي ضمر الأبدان
وقهرتم من رامها لمساءة
فغدا معنى ربقة الأذعان
لله يوم المرج لا بعدت به
أيدي الزمان وشفعته بثان
صدمته أحزاب الضلال كأنما
هول الجبال تخب في أرسان
هابوا الشرى فتخاذلت عزاماتهم
جهل الرعاة قضى بهلاك الضان
فكأنهم والمشرفية فوقهم
نار القبول أتت على قربان
لله نارا هلكت عبادها
هندية تغدو بغير دخان
نار ولكن في متون غرارها
ماء يؤجج غلة الظمآن
وكذا السيوف ملثمة أنواؤها
والشمس في جدي وفي سرطان
ورسمتم تاريخ كل وقيعة
في مهرق التلعات والكثبان
أعضاؤهم فيها حروف قطعت
أثر المداد بها نجيع قان
فاضرب بخيشك ما وراء ثغورهم
فمن الملائك دونه جيشان
لن تلقى مجتمعا لكفر بعدها
قد حيل بين العير والنزوان
بشراك أن الله أكمل عيدنا
بالعفو منك ومنه وبالغفران
عيد أعاد على الزمان شبابه
فاعجب لأشمط عيد في ريعان
أضحى بك الأضحى وقد طلعت به
شمس الضحى وكلاكما شمسان
ومددت للتقبيل يمناك التي
هي والحيا في نفعها سيان
شكرت لك الدنيا صنيعكما عندها
لما شفيت زمانة الأزمان
أندرت قبل النضج لما جئتها
ملكا وكان البرء في البحران
مولاي لا تنسى وسائل من له
للدولة الغراء سبق رهان
واسأل مواقفنا ببابك يوم لم
يدع لخدمته سوى الخلصان
قد كان والدك الرضى يرعى لها
ذمما ويذكرها مع الأحيان
خدما رآها بالعيان حميدة
والموت يحضر من ظبا لسنان
فلكم يدهي الرق في أعناقها
ولنا حقوق نصائح العبدان
خذها أمير المسلمين بديعة
سحبت بدائعها على سحبان
تطوي البلاد مشارقا ومغاربا
قسية تثني بكل لسان
ويقر بالتقصير عند سماعها
رب القصائد في بني حمدان
سلفت نسيم الروض رقة عطفها
ووقارها على ثهلان
قضت البلاغة لي بفوز قداحها
في الشعر يوم تنازع الخصمان
ونبغت في زمن أخير أهله
ما ضر أني لست من ذبيان
ما كل من نظم القوافي شاعر
أو كل مصقول الغرار يمان
إن لم أدعها في امتداحك فذة
مثلا شرودا لست من سلمان