حلفت بالسابغات البيض واليلب
المظهر
حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
وبالأسِنّةِ والهِنْدِيّةِ القُضُبِ
لأنْتَ ذا الجيشُ ثمّ الجيشُ نافلَةٌ
وما سِواكَ فَلغْوٌ غيرُ محْتسَبِ
ولو أشرْتَ إلى مصرٍ بسَوطكَ لمْ
تحوجك مصرٌ إلى ركض ولا خببِ
ولوْ ثنَيْتَ إلى أرضِ الشآمِ يداً
ألقَتْ إليك بأيدي الذل من كثَبِ
لعلّ غيركَ يرجو أن يكونَ له
عُلُوُّ ذكركَ في ذا الجحفل اللّجِبِ
أو أن يصرِّفَ هذا الأمرَ خاتمُهُ
كما يصرِّفُ في جدٍّ وفي لعبِ
هيهاتَ تأبَى عليهم ذاكَ واحدةٌ
أن لا تدورَ رحىً إلا على قطب
أنتَ السّبيلُ إلى مصرٍ وطاعتها
ونُصْرَةِ الدّين والإسلامِ في حلَب
و أينَ عنكَ بأرضٍ سستها زمناً
و ازدانَ باسمكَ فيها منبرُ الخطب
ألستَ صاحبَ أعمالِ الصّعيدِ بها
قِدْماً وقائِدَ أهْلِ الخَيْمِ والطُّنُبِ
تَشوّقَ المشرِقُ الأقصى إليك وكمْ
تركتَ في الغَرْبِ من مأثورةٍ عَجَب
و كمْ تخلّفُ في أوراسَ من سيرٍ
سارت بذكرك في الأسماع والكتب
وكان خِيساً لآسادِ العرين وقد
غادرته كوجار الثعلبِ الخرب
قد كنتَ تملأهُ خيلاً مضمَّرةٍ
يحْمِلنَ كلّ عتيدِ البأسِ والغضَب
وأنتَ ذاك الذي يَدوي الصعيدَ كأنْ
لم تَنْأ عن أهْلهِ يوماً ولم تغِبِ
كن كيفَ شئتَ بأرضِ المشرقينَ تكن
بها الشّهابَ الذي يعلو على الشّهب
فأنتَ من أقطعَ الأقطاعَ واصطنعَ الـ
معروفَ فيها ولم تظلم ولم تحب
فسرْ على طرقكَ الأولى تجدْ أثراً
من ذيل جيشك أبقى الصخر كالكثبِ
و نفحةً منك في إخميمَ عاطرةً
مسكيّةً عبقتْ بالماء والعشبِ
فلا تَلاقَيتَ إلاّ مَن ملكْتَ ومنَ
أجرتَ من حادث الأيّامِ والنُّوبِ
ولا تَمُرُّ على سِهْلٍ ولا جَبَلٍ
لم تُرْوِهِ من نَدىً أو من دمٍ سَرِبِ
أرضاً غَنِيتَ بها عِزّاً لمُغتصَبٍ
سيراً لمكتسبٍ مالاً لمنتهب
فما صفا الجوُّ فيها منذُ غبتَ ولا
له انفراجٌ إلى حيّ من العربِ
وقَلّ بعدَك فيهم من يُذَبِّبُ عن
جارٍ ويدفعُ عن مجدٍ وعن حَسَبِ
فإنْ أتَيْتَهُمُ عن فَترَةٍ فهُمُ
كما عهدتهمُ في سالفِ الحقب
إذ تجنبُ الحصنَ الجردَ العتاقَ بها
وإذ تُصَبّحُ أهلَ السّرجِ والجلَب
و تخضبُ الحلقَ الماذيّ من علقٍ
كأنما صاغها داودُ من ذهب
إذِ القبائلُ إمّا خائفٌ لكَ أو
راجٍ فمن ضاحكٍ منهم ومنتحب
فحلّةٌ قد أجابت وهي طائعةٌ
و قبلها حلّةٌ عاصت ولم تجبب
فتلكَ ما بينَ مستنٍّ ومنتعشٍ
و هذه بين مقتولٍ ومنتهب
فكم ملاعبِ أرماحٍ تركتَ بها
تدعو حلائله بالويل والحرب
و كم فتى كرمٍ أعطاكَ مقودهُ
فاقتادَ كلُّ كريم النفسِ والنسبِ
إن لا تقد عظمَ ذا الجيش اللهام فقد
شاركتَ قائدَهُ في الدَّرّ والحَلَبِ
فالنّاسُ غيرَك أتباعٌ له خَوَلٌ
وأنتَ ثانيه في العَليا من الرّتب
أيّدتهُ عضداً فيما يحاولهُ
وكُنتُما واحداً في الرأي والأدب
فليسَ يسلكُ إلاّ ما سلكتَ ولا
يسيرُإلاّعلى أعلامكَ اللُّحبِ
فقد سَرَى بسِراجٍ منك في ظُلَمٍ
وقد أُعينَ بسَيْلٍ منك في صبَبَ
جَرَيتُما في العلى جَريَ السواء معاً
فجئتُما أوَلاً والخَلقُ في الطّلَبِ
و أنتما كغراريْ صارمٍ ذكرٍ
قد جُرّدا أو كَغربَي لهذَمٍ ذَرِبِ
وما أدامَتْ له الأيامُ حَزمَك أو
عاداتِ نصرك في بدءٍ وفي عقب
فليسَ يعيا عليه هولُ مطّلعٍ
وليس يَبعُدُ عنه شأوُ مُطّلَب