جلا في الكأس جالية الهموم
المظهر
جلا في الكأس جالية الهموم
جلا في الكأس جالية الهموم
وقامَ يميسُ بالقدِّ القويمِ
يحضُّ على مسرات الندامى
ويأمرُ في مصافاة النديم
وقد فرش الربيعُ لنا بساطاً
من الأزهار مختلف الرقوم
بحيث الأُفق مغبرّ الحواشي
ووجه الأرض مخضر الأديم
هنالك تطلع الأقمار فيها
شموس الراح في الليل البهيم
كأنَّ حبابها نظمت نجوماً
رَجَمْتُ بها شياطين الهموم
وأرشفني لماه العذب ألمى
مراشفه شفاء للسقيم
وأعذب ما أرى فيه عذابي
فما أشكو الظلامة من ظلوم
وأحبابٌ كما أهوى كرامٌ
تنادمني على بنت الكروم
ويسعدنا على اللذات عُودٌ
يكرِّرُ نغمة الصوت الرخيم
يخصّ بما يعمّ أخا التصابي
فيشجي بالخصوص وبالعموم
فيالك لوعة في الحبّ باحت
بما في مضمر القلب الكتوم
وما أهرقت من دمع كريم
جرى من لوعة الوجد اللئيم
ألام على هواك وليت شعري
فما للاّئمين من الملوم
وما سالت دموعُ العين إلاّ
لما في القلب من حرّ السموم
وهل ينجو من الزفرات صبٌّ
رَمَتْه بالغرام لحاظُ ريم
وقد حان الوداع وحان فيه
رَحيلُ الصَّبْر عن وجدٍ مقيم
إلا لله من زَمَنٍ قَضَيْنا
به اللذات في العصر القديم
وقد كانت تدارُ عليَّ راحٌ
تُعيدُ الرُّوح في الجَسَدِ الرَّميم
أخَذْتُ بكأسها وطربت فيها
فَسَلْني كيف شئت عن النعيم
بحيث الشمس طالعة، مدامي
وبَدْرُ التَّمِّ يومئذٍ نديمي
تصرمتِ لاصّبابة والتصابي
وصارمني الهوى ظبيُ الصريم
ومفرية الفدافد والفيافي
لها في البيد إجفالُ الظليم
سريت بها أقدُّ السَّير قدّاً
بضرب الوخد منها والرسيم
إذا مرَّتْ على أرض فَرَتْها
مرور العاصفات على هشيم
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
أكفكفُ عبرة الملهوف فيها
وتحت أضالعي نار الجحيم
أطَوِّفُ في البلاد وأنتحيها
وإنْ شطت إلى حرٍّ كريم
لئن سَعِدَت به الكوماء يوماً
خسمت نحوس أيام حسوم
انيخت في رحاب بني عليٍّ
نياقي لا بمنعرج الغميم
وأغناني عن الدنيا جميعاً
ندى سلمان ذي القلب السليم
وما زالت مطايانا سراعاً
إلى نادي الكريم ابن الكريم
رعيت به الندى غضّاً نضيراً
فما أدنو إلى المرعى الوخيم
أقبلُ منه راحة أريحيٍّ
تصوبُ بصيب الغيثِ العميم
وإنّي والهموم إذا کعترتني
وجدت به النجاة من الغموم
ويحمي المنتمي إلى علاه
محاماة الغيور عن الحريم
إذا ذُكرت مناقبُه بنادٍ
تضوَّعَ عن شذا مسكٍ شميم
يروق نضارةً ويروقُ ظرفاً
أرقَّ -إذا نظرتَ- من النّسيم
وما يُبديه من شَرَفٍ ومجدٍ
بدلّ به على شرف الأروم
وما برحت مكارمه ترينا
وُجُوه السَّعد بالزمن المشوم
وتطلع من معاليه فتزهو
مناقبُ أشبهت زهرَ النجوم
ولِمَ لا يرتقي دَرَج المعالي
بما يعطاه من شيمٍ وخيم
بوار فينا وإنْ رغمت أنواف
يدا موسى بن عمران الكليم
أنوءُ بشكرها وأفُوزُ منها
بما يوفي الثراءَ إلى العديم
وذو الحظ العظيم فتىً بَرَتْه
يدُ الباري على خلق عظيم
وفيه منعة لا زال فيها
کمتناع الحادثات من الهجوم
ويدرك فكره من كلّ معنى
يدق على المكالم والفهوم
هو القرم الذي افتخرت وباهت
به الأشرافُ أشراف القروم
تحوم على مناهله العطاشى
وثمَّةَ منهلٌ عذبٌ لهيم
وتصدرُ عن موارد راحتيه
وقد بلغ المرام من المروم
لعبد القادر الجيلي يُنمى
وقطب الغوث والنبأ العظيم
إلى من تفرج الكربات فيه
وينجي المستغيث من الهموم
إلى بيت النبوة منتماهم
رفيع دعائم الحسب الصميم
هذاةُ العالمين ومقتداهم
إلى نهج الصراط المستقيم
رياض محاسن وحياض فضل
تَدفَّقُ بالمكارم والعلوم
وما أدري إذا طاشت رجال
رجالٌ أمْ جبالم حلوم؟
نظمتُ بمدحهم غُرَر القوافي
فما امتازت عن الدر النظيم