انتقل إلى المحتوى

ثنائي عليك ونعماك فينا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ثنائي عليك ونعماك فينا

​ثنائي عليك ونعماك فينا​ المؤلف ابن دارج القسطلي


ثنائي عليك ونعماك فينا
كواكب تشرق للعالمينا
تلالأ بالجود مما يليك
عليهم وبالحمد مما يلينا
جواهر فصلتها في سلوك
ملأن الصدور ورقن العبونا
مبرزة السبق في الأولينا
ومأثورة الذكر في الآخرينا
كسبقك في كل علياء حتى
أضر غبارك بالسابقينا
فيا بعد مسراك للمدلجينا
ويا قرب مأواك للرائحينا
فحقا إليك رحلنا المهاري
تقاسمنا جهد ما قد لقينا
أهلة سفر وقفر قطعنا
إليك الشهور والسنينا
نلاقي السيوف إذا ما فزعنا
ونسقي الحتوف إذا ما ظمينا
فطورا نرى العيش ظنا كذوبا
وطورا نرى الموت حقا يقينا
وحقا إليك ركبنا الرياح
مطايا رحلنا عليها السفينا
كأن على لجج البحر منها
هوادج تخفق بالظاعنينا
ولله من أمهات حنين
علينا الظهور وجبن البطونا
تقود المنايا بها حيث شاءت
وتثنى كلاكلها حيث شينا
خطوبا تباذلن منا نفوسا
جلبن لك الحمد غضا مصونا
فعادرن أوطاننا عافيات
وجئن إليك بنا معتفينا
ديارا تسح عليها الدموع
وفيها قتلنا وفيها سبينا
وفيها صدقنا إليك الرجاء
وهن يرجمن فينا الظنوناأ
أهمنا بغربتنا أم هدينا
ومتنا بكربتنا أم حيينا
فإن يعجب الدهر أنا صبرنا
فأعجب من ذاك أنا بقينا
فهل بلغت عن ركاب أجرت
بأن قد سعدن بما قد شقينا
وإني انتحينا إليك المطي
كما قصف العاصفات الغصونا
دأبن كجدك حزما وعزما
وعدن كحلمك عطفا ولينا
وأنك حييتها بالحياة
وأمنتها في ذراك المنونا
وأوطأتها البر حتى سكن
وسقيتها الجود حتى روينا
فأرضيت ربك في ابن السبيل
وفي العائلين من المسلمينا
وأحييت في الأرض فضلا وعدلا
وعطفا وعرفا ودنيا ودينا
ودائع لله في الروض ضاعت
وكنت عليها القوي الأمينا
فوفاك عنا الجزاء الجزيل
ولقاك منا الثناء الثمنيا
وبوأنا منك جنات عطف
جزاك بها جنة الفائزينا
حدائق في غرس يمناك وقفا
على الرائحين أو الطارقينا
كفيل بأثمارها كل حين
غيوث سمائك حينا فحينا
وأزهرها منك للناظرينا
وأبهرها عنك للسامعينا
نفجرها نهرا حيث كنا
ونأكلها رغدا حيث شينا
ذرا جنة كتب الله فيها
لمن شرد الخوف حظا مبينا
وزادت بعدلك أكلا وظلا
فزادت على أمل الآملينا
رأيت لنا موضع الحق فيها
بما قد أرتك المقادير فينا
فنادى نداك بها نحوها
سلام لكم فادخلوا آمنينا
لكم ذمة الله في صدق عهدي
فلا خائفين ولا مخرجينا
فظلت تنفس عن روحها
غريبا سليبا ونضوا حزينا
وتبرد من حر نار السيوف
ونار الهواجر ما قد صلينا
فنسلى بها عن ديار نأين
ونغنى بها عن مغان غنينا
وبلغة عيش لمن قد سترت
ضعاف البنات وشعث البنيناب
نعللهم بجنى روضها
إذا أوحشتهم عطاياك حينا
وتشفي بها بث ما قد أصبنا
ونأسو بها جرح ما قد رزينا
وفخرا لنا منك سارت به
ركاب التهامين والمنجدينا
وبشرى أهل بها الشاكرون
إلى من فجعنا من الأقربينا
فما راعنا غير قول الخبير
يذكرنا أسوة المؤتسينا
بآدم إذ أخرجته الغواة
من جنة الخلد مستظهرينا
ببغي حسود له طالب
كما قد لقينا من الحاسدينا
فها نحن أقعد هذا الأنام
بميراثها مثلها عن أبينا
وهاتيك جنتنا والتي
حبانا بها سيد المنعمينا
وأبين آياتنا أننا
حللنا لديه المكان المكينا
ومن شك في حظنا من رضاه
فتلك لنا أعدل الشاهدينا
قفوا فاسمعوا هدة الأرض رجلا
وركبا إلى نصبها يوفضونا
وداعي الزيادة فيها سميع
مصيخ إلى ألسن الزائدينا
يجمجم فيهم بأن قد سخطت
علينا وأنا من المبعدينا
ليجلو أستارك الخضر عنا
ويمحو آثارك الغر فينا
وقد أسمع الصم فيها مناد
يؤذن حي على الشامتينا
فمن هاتف زائد بالألوف
لبغي أراه احتقار المئينا
ومن كاشح كاشر قد أرته
أمانيه ما ظن أن لن يكونا
بذي حرمة منك ألبسته
كرامة أضيافك المكرمينا
ومن حل سترك في أهل بيت
بحبل وفائك مستمسكينا
فيا مشهدا سامني تحت ظلك
خسفا وخزيا وذلا وهونا
بكل مفيض علي القداح
ليقسم لحمي في الآكلينا
وكل مبيح حماك العزيز
علينا لعادية المعتدينا
فمدوا حبالهم طامعين
وألقوا عصيهم واثقينا