تنقلت مثل البدر يا طلعة البدر
المظهر
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
فمن منزلٍ عزٍّ إلى منزلٍ فخر
بأمر وليّ الأمر سرت ولم تزل
كما أنت تهوى صاحب النهي والأمر
دعاك إليه فاستجبت كأنّما
دعاك وزير العصر دعوة مضطرِّ
ومثلك من يُدعى لكلِّ مُلِمَّةٍ
من الدهر مقدام على نوب الدهر
تعدّك للخطب الملوك ذخيرة
وأن الرجال الشوس من أنفس الذخر
فإمّا إلى حرب وقد شبّ جمرها
لها شرر ترمي به الجميع كالقصر
وإمّا إلى بأسٍ شديدٍ وقدرة
وإمّا إلى عالٍ رفيع من القدر
طلعت على بغداد يوماً فشاهدت
بوجهك يا مولى الورى طلعة البدر
تباشرت الأشراف حين تحقَّقت
قدومك بالإكرام والنائل الوفر
إذا قيل وافى بندر قال قائل
من البشر وافاكم إذَنْ وابل القطر
فأغمرتهم بالفضل حتى ملكتهم
ببّرك، إن الحرَّ يملكُ بالبر
قضت بك أعياد المسَرَّة والهنا
وهاتيك أعيادٌ تعدُّ من العمر
وشد وزيرٌ أزره بك فاغتدى
لعمري قويَّ الأزر منشرح الصدر
ولما نشرت العدل من بعد طيّه
وأحسنت طيَّ الجور في ذلك النشر
ذكرت لسلطان السلاطين كلّها
وقد قيل إنَّ الأذنَ تعشقُ بالذكر
فأهدى إلى علياك ما أنت أهله
فقارن بدر التّمَّ بالكواكب الدري
وأرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً
وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً
من الله بالتوفيق والفتح والنصر
تجرُّ ذيول الفخر تيهاً على العدى
ألا إنَّ خفض العيش من ذلك الجرِّ
تحفُّ بك الفرسان من كلِّ جانب
وتدعو لك الأملاك بالسرّ والجهر
ولما رأيت الماء طمَّ على القُرى
وأصبح في إفساده أبداً يجري
طغى والذي يطغى وقد مدَّ باعه
ليفسدَ أمسى مدهُّ منك في جزر
وما سال مثل اليل إلاّ رددته
وخليت منه سائل البحر في نهر
سلكت به النهج القويم لو اهتدى
لما ضلَّ هذا الماء في مهمه قفر
حشرت لسدّ الماء كلَّ قبيلةٍ
لها وقفة ترضيك في وقفة الحشر
تسدُّ ثغوراً لا تسدُّ ولم يكن
سواك سداد في الحقيقة للثغر
فكيف إذَن بحر أضرَّ وإنَّما
فعلتَ بهذا البحر فعلك في البر
وما زلت مدعوَّ الجناب لمثلها
فتكشف ما قد حلّ بالناس من ضُرِّ
تدافع عن ملك العراق وأهله
مدافعة المغتار عن ربة الخدر
يضرب ظباً بيض تأجَّجُ بالرّدى
وطعن قناً سمرٍ أحرَّ من الجمر
وأنتم أباة الضيم ما ذلَّ جاركم
ولا نظرتكم أعين الضيم عن شزر
لكم والليالي حيث تمضي وتنقضي
على كل حال كان في العسر واليسر
بيوت على شط الفرات رفيعة
يرى نارها تبدو لمن حلّ في مصر
ولولا طروق الضيف من كل وجهة
لما بنيت إلاّ على الأنجم الزهر
وما ضلّ ساري الليل إلاّ اهتدى بها
كنور سنا الإسلام في ظلمة الكفر
إلى الغاية القصوى إلى الجود والندى
إلى منزلٍ رحب إلى نائل وفر
فللضيف فيها مشهد الحج في منى
وللنوق فيها للقرى مشهد النحر
مكارم قد أورثْتُموها قديمةً
وتلك مواريث لآبائك الغر
سلكت بتلك الخيم ما سلكت به
وما سلكت إلاّ بمسلكها الوعر
تسلُّ السيوف البيض كفك للورى
فكفّك للجدوى وسيفك للقهر
وعلّمتها ضرب الرقابِ فأصبحت
تقدّ رقاب الفاجرين ولا تدري
ملأت فؤاد الضدّ رعباً ورهبة
وأوّل ما ترمي أعاديك بالذعر
فهابك من خلَّ العراقَ وراءه
فكيف بمن لا يستزل عن الوكر
ولم تنج من صمصام صولتك العدى
ولو أنها طارت بأجنحة النَّسر
لك الله ما شيدت بيتاً من العلى
على غير سمر الخطّ والقضب البتر
لك المدح منّا والثناء بأسره
على أنَّ في الأخرى لك الفوز بالأجر
عن النعم اللاّتي بلغنا بها المنى
وبيض أيادٍ منك في الأزمن الغبر
تجل عن التعداد إنْ هي أحصيت
فيا ليت شعري ما أقول من الشعر
عجزت بأن أقضي لها حقّ شكرها
فليس يعني نظمي بذاك ولا نثري