انتقل إلى المحتوى

تغرب فالبدار الحبيبة دار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ

​تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ​ المؤلف مهيار الديلمي


تغربْ فالبدار الحبيبةِ دارُ
و فكَّ المطايا فالمناخُ إسارُ
و لا تسأل الأقدارَ عما تجره
مخافةَ هلكٍ والسلامةُ عارُ
إذا لم يسعها الأمنُ في عقر دارها
فخاطر بها إنّ العلاءَ خطارُ
أرى إبلي تعصى الحداةَ كأنما
بوازلها تحتَ الحبالِ بكارُ
تقامصُ من مسَّ الهوان جنوبها
كأنّ الأذى طردٌ لها وعوارُ
تحسى القدى المنزورَ من ماءِ أهلها
و تأبىَ النميرَ العدَّ وهوبحارُ
و مذ علمتْ أن الحشاشةَ ذلةٌ
ففي خطمها من أن تخشَّ نفارُ
لغيري قرى ألبانها ولحومها
و لاقحةٌ من أدمها وحوارُ
متى دبَّ ماءُ الضيم فيها فلم تعدْ
مطيَّ قفار الأرض وهي قفارُ
و إن لم تناضلْ من عقودِ نسوعها
نصولُ نعيَ سيبَ اللصابِ تبارُ
ظرابُ الغضا من تحت أخفافها سفاً
يطيشُ وأحقافُ الغويرِ حفارُ
كأنّ السياطَ يقتلعنَ إذا هوت
سفائنَ منها والسرابُ بحارُ
مقامي على الزوراء وهي حبيبةٌ
مع الظلم غبنٌ للعلا وخسارُ
و كم حلةٍ مجفوةٍ ولها الهوى
و أخرى لها البغضاءُ وهيْ تزارُ
و في غيرها المجدُ الذي كان مرةً
لها شرفٌ في قربه وفخارُ
إذا حملتْ أرضٌ ترابَ مذلةٍ
فليس عليها للكريم قرارُ
و كم عزمةٍ مرتاضةٍ قد ركبتها
فخضتُ بها الحاجاتِ وهي غمارُ
و ذي سنةٍ فجعتُ بالنوم عينه
و أجفانه عطفاً عليه طوارُ
صحا لي وقد ناديتُ من سكرةِ الكرى
و قد دار في عينيه منه عقارُ
تبخرتُ أقصى جودهِ وهو كارةٌ
و لم يك للمولى عليّ خيارُ
و ليلٍ أضافَ الصبحَ تحت جناحه
و حصَّ فلم يرفعهُ عنه مطارُ
هجمتُ عليه فادحا ببصيرتي
دجاهُ وليلُ الزبرقانِ نهارُ
و مشترفٍ من العفافِ أطلعتهُ
و قد نم واشٍ واستقام نوارُ
فلمَ يتوصمني وسادٌ علوته
بعيبٍ ولم يشهدْ عليَّ إزارُ
و قافيةٍ أسهلتُ طريقها
لها في حلوقِ القائلين عثارُ
نضار من القول الذي لم يردْ به
لجينٌ ولم يوجد عليه نضارُ
إذا ما استبقن الحسنَ يبسطن عن فمي
شردنَ فلم يعلقْ لهن غبارُ
يعيرني قومٌ خلَّ معاطني
و فيهم رغاءٌ ما اشتهوا ونعارُ
و لاعيبَ أن أهزلتُ وحدي وأسمنوا
إذا أنا أنجدتُ العلاءَ وغاروا
و لستَ ترى الأجسامَ وهي ضئيلةٌ
نواحلُ إلا والنفوسُ كبارُ
خفيتُ ونوري كامنٌ في قناعتي
و ما كلُّ ما غمَّ الهلالَ سرارُ
و كيف أذود النومَ أخشى خصاصةً
و لي من كلاءاتِ الوزير جوارُ
و نعماه إن دهري أغار حماتهُ
على الحرّ من مسّ الهوانِ تغارُ
إذا ضمني مؤيد الملك مانعا
فما لدمِ الأيام عنديَ ثارُ
نكولي إذا أمسكتُ أطرافَ حبله
قويً وافتقاري في ذراه يسارُ
سقى اللهُ ماءَ النصر بنانها
غصونٌ لها درُّ البحار ثمارُ
و حيا على غم الكواكب غرةً
أسرتها للمعتقين منارُ
ترى الرزق شفافا وراء ابتسامها
كما شفَّ عن لمع البروق قطارُ
و زاد انبساطا في الممالك راحةٌ
يمينُ الحيا إن جاودته يسارُ
من القوم لو طار الفخارُ بمعشرٍ
إلى غايةٍ فوق السماء لطاروا
بنى الملكِ والدنيا بماءِ شبابها
و أيامها زغبٌ تدبُّ صغارُ
خيامٌ على أطنابها رخجيةٌ
لها في سماوات الفخار ديارُ
و زيريةٌ جدا فجدا يعدها
على المجدِ عرقٌ ضاربٌ ونجارُ
يراحُ عليها بالعشيَّ لبونها
إذا روحتْ على البيوتِ عشارُ
و شقَّ دجناتِ الخطوبِ برأيه
بصيرٌ به سرُّ الغيوب جهارُ
إذا ردَّ في أعطافه لحظاتهِ
تشعشعَ سربالٌ له وصدارُ
قريبُ الجنى حلوٌ لأيدي عفاتهِ
و أشوسُ بين العاقرين مرارُ
إذا ما بدا للعين راقت بشاشةٌ
عليه وراعت هيبةٌ ووقارُ
فيطمعُ فيه ثغرهُ حين يجتدى
و يؤيسُ منه الأنفُ حين يغارُ
له اللهُ من ملك حميت سريرهُ
و غايتهُ للطامعين وجارُ
و قد نام عنه الدافعون وكشفتْ
خباياه للأبصارِ وهي عوارُ
مددتَ بباعيه فلم يرَ معصمٌ
له بارزاً إلا وأنتَ سوارُ
و غربك الأعداءَ خلقٌ مسامحٌ
لهم وخلالٌ أن رضيتَ خيارُ
و ما علموا أنّ النصولَ شوارعٌ
على علقِ الأكبادِ وهي طرارُ
فإنَّ رقابَ الأسد جون عراكها
مصارعُ للآجالِ وهي قصارُ
و قد جربوا عزميك والجودُ ساكنٌ
على السلم والنقعُ الأغمُّ مثارُ
و كم لك من يومٍ يخيم شجاعهُ
و لا يصمُ المهزومَ منه فرارُ
تناكرَ عنه المدعون فلم يكن
سوى اسمك للأبطالِ فيه شعارُ
وقفتَ له والمرهفاتُ كأنها
دبىً فوق بيضِ الدارعين مطارُ
و لو أنَّ حدَّ السيف خانك دونه
وَ في لك جدٌّ لم يعقه عثارُ
أسلْ مزنتيْ كفيك يغرقْ بها العدا
و سمْ باسمك الأعداءَ فاسمك نارُ
و لا تلقَ يومَ الروع إلا مصالتا
بجدك إن كلت ظباً وشفارُ
فإنّ لجرحِ السيف لا بدَّ ثائرا
له وجراحات الجدود جبارُ
قضى اللهُ في حسادِ ملكك أنهم
وقودٌ وأنّ الغيظَ منك شرارُ
فألسنهم غيظاً بواردُ رطبةٌ
و أكبادهمُ خلفَ الضلوع حرارُ
تناهوا حذارا أن يعلى حديثهم
فما بين كلَّ اثنين فيك سرارُ
و لاموا نجومَ السعدِ جهلا وإنما
تدورُ لك الأفلاكُ حيث تدارُ
تواقفُ أقدامَ الأسودِ كأنما
جنابك عزا أن يرامَ مغارُ
و تخجلُ من دفع الحقوقِ كأنما
لثامك من فرط الحياء خمارُ
أجبْ دعوة يا سيد الوزراء لم
تجبها قريبا إذ دعتك مرارُ
تناديك عن شوق مواقدُ نارها
فؤادي وأنفاسي الحرارُ أوارُ
أداريه خوفَ الشامتين وظاهري
قياسٌ لما في باطني وعيارُ
إلى كم يقلُّ البعدُ ظهري وكم يرى
لجنبي على جمر الفراق قرارُ
كأني حيالَ البعدِ بيني وبينكم
يقدُّ أديمي أو حشايَ تعارُ
و ليتَ الومانَ المطربي باقترابكم
كما زال سكرٌ منه زال خمارُ
يكاد نزاعي نحوكم أن يطيرَ بي
و هل لقصيصٍ في السماءِ مطارُ
و أطمعَ قومٌ بعدكم في تهضمي
فشنوا على أحسابكم وأغاروا
و لم يعلموا مقدارَ عطفةِ جودكم
عليَّ فلي نقصٌ بهم وضرارُ
إذا حبسوا الماءَ الذي سقتموهُ لي
فمن أين تسقى سرحتي وتمارُ
و قد علموا أن لا ارتجاعَ لنيلكم
و لا الثوبُ مما تلبسون معارُ
عسى اللهُ أن يقتادَ لي بإيابكم
فيدركَ من باغي انتقاصيَ ثارُ
بكلَّ عزيزٍ بذلها عند قومها
لها منصبٌ معْ حسنها ونجارُ
إذا خطرتْ بين الرواةِ حسبتهم
يمانينَ فيما يحملون عطارُ
تنمُّ بما فيها كأنَّ طروسها
لطائمُ أهدتها إليك صحارُ
تضوعُ رنداً فارسياً لجنسها
و للعرب فيها حنوةٌ وعرارُ
إذا جليتْ عطلي عليك فحليها
علاك وحسنُ الإستماع نثارُ
على المهرجان وسمةٌ من جمالها
عروبةُ منها فاصلٌ وشيارُ
لئن قصرَّ المقدارُ خطويَ عنكمُ
فلي غايةٌ في بعثها وقصارُ