انتقل إلى المحتوى

تعطف علينا أيها الغصن الغض

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تَعَطَّفْ علينا أيُّها الغُصُنُ الغَضُّ

​تَعَطَّفْ علينا أيُّها الغُصُنُ الغَضُّ​ المؤلف كشاجم


تَعَطَّفْ علينا أيُّها الغُصُنُ الغَضُّ
أما منكَ شَمٌّ يُستفادُ ولا عَضُّ
جَنَاكَ جَنىً فيهِ شِفَاءٌ وصحَّةٌ
ولكن لَنا لحظِكَ السّقُمُ المحضُ
تركتَ طبيبي حائراً باكياً على
نحولي بعينٍ ما يُسَامِحهَا غَمْضُ
وأعجبَ منِّي اَنْ أُطيقَ جَوَابَهُ
وقَدْ كان يَخْفَى في مَجَسَّتِهِ النَّبْضُ
بَدتْ مَوهناً في درعِة اللونِ تحتَه
غلائلُ نورٍ حَشْوُهَا بَرَدٌ بَضُ
وَمَاسَتْ كَمْيسِ الخيزرانِ وأَلّقَتْ
بأحسنَ مُسْوَدٍّ بدا فيه مُبيضُّ
وقد نقضَتْ عَهدَ الصباءِ كأَنَّها
أُناسٌ هواهمُ في عهودِهمُ النَّقْضُ
وقد أكسبتني نعمةُ اللّهِ بغضَهُمْ
فلا زالتِ النّعمى ولا بَرِحِ البُغْضُ
وكنتُ إذا ما عابَنِي ذُو نباهةٍ
يسابقُ بغضٌ من فؤادٍ لهُ مَضُّ
أبى لِي مجدي أنْ أُساجِلَ مثلَهُ
وحاسا سماءٌ أَنْ يشاكِلها أَرْضُ
وما لِيَ أَخشَى حاسداً ومُعانداً
وليسَ لهُ بَسْطٌ عليَّ ولا قَبْضُ
نِبَالِي أَقلامي وَسَيْفيَ مِقْوَلِي
بهِ الدهرَ أبكارَ البلاغةِ أفتَضُّ
يريكَ وجوهَ المكرماتِ ضواحَكاً
ويوضحُ مسودَّ الأَمورِ فَيَبْيضُّ
وكَمْ خَفَقَ الأَمرَ الذي هو باطلٌ
وكَمْ دَحَضَ الحقَّ الذي مَالهُ دَحْضُ
وأَكرمْتُ أَعْراضِي بمالي فَصُنْتُهَا
وَمَنْ جَادَ لَمْ يَدْنَسْ لهُ أَبداً عِرْضُ
وَحُمّلتُ اسرارَ الصديقِ أَخِي الصّفا
فَوُدُّكَ باقٍ لا يحولُ ولا ينضُو
مُنِينا بِمَنْ نُغْضِي لَهُمْ من عثارهِمْ
وهمُّهُمُ فيناً التَّيَقُّظُ لا الغَضُّ
وأنتَ امرؤٌ تصفو إذا كدرَ الورى
وتحلو إذا ما شَابَ وَدَّهُمُ حَمْضُ
متى يَشْقَ خِلٌّ بالتَّغَيُّرِ من أخٍ
خؤونٍ فحظِّي من مودَّتِكَ الخَفْضُ