انتقل إلى المحتوى

تعز فقد مات الهوى وانتهى الجهل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ

​تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ​ المؤلف صريع الغواني


تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ
فَرَدَّ عَلَيكَ الحِلمَ ما قَدَّمَ العَذلُ
أَحينَ طَوى عَن شِرَّةِ اللَهوِ شِرَّةً
يُطيعُ سَوادَ الرَأسِ إِن قالَ لا تَسلُ
حَماهُ عَلى سَبعٍ وَعِشرينَ حِجَّةً
شَبابٌ فَتِيُّ الغَيبِ شاهِدُهُ كَهلُ
أَلا نادِيَ اليَومَ الَّذي أَعجَلَ النَوى
نَلبُثَها حَتّى اِنطَوى مَعَها الوَصلُ
لَعَلَّ وُجوهَ اللَيلِ تَثنى صُدورَهُ
فَيَخرُجَ مِن حَدِّ السُهادِ بِنا الأَصلُ
تَفَرَّقُ في العَينِ الدُموعُ وَتارَةً
يُؤَلِّفُها الإِلفُ الَّذي حَلَّفَت جُملُ
هُوَ الشَوقُ مَصروفُ السُلُوِّ وَدونَهُ
أَحاديثُ إِذكارِ الفُؤادِ بِها خَبلُ
فَدَع قَلبَهُ وَالنَأيَ لا يَذكُرُ الهَوى
لَيالِيَ يَلقاهُ بِأَترابِهِ الشَملُ
خَرَجنَ خُروجَ الأَنجُمِ الزُهرِ وَاِلتَقَت
عَلَيهِنَّ مِنهُنَّ المَلاحَةُ وَالشَكلُ
تَبَسَّمنَ فَاِستَضحَكنَ طامِسَةَ الدُجا
عَنِ الصُبحِ وَالظَلماءُ أَوجُهُها طُحلُ
خَفينَ عَلى غَيبِ الظُنونِ وَغَصَّتِ ال
بُرَينُ فَلَم يَنطِق بِأَسرارِها حِجلُ
وَلَمّا تَلاقَينا قَضى اللَيلُ نَحبَهُ
بِوَجهٍ لِوَجهِ الشَمسِ مِن مائِهِ المَحلُ
أَرِبنا بِأَلحاظِ العُيونِ وَبَينَنا
عَفافٌ وَتَكذيبٌ لِمّا يَأثُرُ المَحلُ
كَأَنَّ الثُرَيّا فَورَها وَسُكونَها
نُجومٌ جَلاها الفَجرُ فَاِحتازَها أَفلُ
طَوَيتُ بِها شَرخَ الشَبابِ فَحاجَزَت
قَريباً وَجِلبابُ الصِبا خَلَقٌ رَذلُ
وَخَضراءَ يَدعو شَجوَ مُكِّيِّها الصَدى
إِذا نَسَفَتها الريحُ ريحانُها شُعلُ
سَقاها الثَرى ماءَ النَدى وَأَسَرَّها
مِنَ القَيظِ حَتّى أَمرَعَ السارِحَ الرَبلُ
إِذا دَرَجَت فيها الجَنوبُ تَعانَقَت
بِها سامِقاتُ الزَهرِ وَاِصطَحَبَ البَقلُ
كَساها الخَلا الرَسمِيُّ مِن كُلِّ جانِبٍ
طَرائِقَ حَتّى سودُ حَوزاتِها شُهلُ
تَحَلَّبَ مِنها مُستَسِرٌّ مِنَ النَدى
بِريحِ الصِبا وَالرَوضُ أَعيُنُهُ خُضلُ
أَنَختُ بِها وَالشَمسُ تَنعِقُ بِالضُحى
وَما صاحِبي إِلّا المُدامَةُ وَالجَحلُ
إِذا شِئتُ حَيّاني الثَرى بِنَباتِهِ
وَطالَعَني في رَوضِهِ العُصُمُ العُقلُ
تَراخَينَ دوني ثُمَّ أَوجَسنَ وَطأَةً
فَأَتلَعنَ كُحلاً مُستَراباً لَها الكُحلُ
وَغَبراءَ لا يُسقي عَلى الخِمسِ رَكبُها
قَطَعتُ وَريقُ الشَمسِ يَغلي بِهِ السَجلُ
تَجاوَزتُها وَالآلُ مُستَنقِعٌ بِها
كَنَّشرِ القَباطيِّ اِنتَضى ماءَها الغُسلُ
وَمُلتَجِبٍ بِالنَأيِ قَلبُ دَليلِها
يَبيتُ بِها عَن بَيتِهِ الجابُ وَالصَعلُ
لَقَيتُ الدُجى فيها وَلِلأَصلِ قُلعَةٌ
وَمُحتَنِكُ الإِمساءِ مُقتَضَبٌ طِفلُ
وَلَمّا تَعالى اللَيلُ شَقَّت بِنا السُرى
جَلابيبَهُ حَتّى رَأى دُبرَهُ القُبلُ
إِذا شِئتُ خَلَّفتُ الصَبا أَو صَحِبتُها
بِوَجناءَ مَوصولٍ بِغارِبِها الرَحلُ
أَتَتكَ المَطايا تَهتَدي بِمَطِيَّةٍ
عَلَيها فَتاً كَالنَصلِ يُؤنِسُهُ النَصلُ
وَرَدنَ خِلافَ اللَيلِ وَاللَيلُ مُصدِرٌ
أَواخِرُهُ وَالفَجرُ عُريانُ أَو فُضلُ
فَلَمّا نَحَينَ النورَ خَرَّينَ تَحتَهُ
عَلى أَمَلٍ يُشجى بِهِ اليَأسُ وَالمَطلُ
وَرَدنَ رِواقَ الفَضلِ فَضلِ بنِ جَعفَرٍ
فَحَطَّ الثَناءَ الجَزلَ نائِلُهُ الجَزلُ
فَتىً تَرتَعي الآمالُ مُزنَةَ جودِهِ
إِذا كانَ مَرعاها الأَمانِيُّ وَالبُطلُ
تُساقِطُ يُمناهُ نَدىً وَشِمالُهُ
رَدىً وَعُيونُ القَولِ مَنطِقُهُ الفَضلُ
أَلَحَّ عَلى الأَيّامِ يَفري خُطوبَها
عَلى مَنهَجٍ أَلفى أَباهُ بِهِ قَبلُ
عَجولٌ إِلى ما يودِعُ الحَمدَ مالَهُ
يَعُدُّ النَدى غُنماً إِذا اِغتُنِمَ البُخلُ
كَأَنَّ نَعَم في فيهِ يَجري مَكانَها
سُلالَةُ ما مَجَّت لِأَفراخِها النَحلُ
جَرى مُذ حَواهُ المَهدُ في شَأوِ جَعفَرٍ
إِلى غايَةٍ يَتلو المِثالَ الَّذي يَتلو
حَمولاً لِعِبوِ الدَهرِ يَنهَضُ عَفوُهُ
بِهِ مُستَقِلّاً حينَ لا يُحمَلُ الثِقلُ
إِذا أَغمَدَت هِمّاتُهُ خَطباً اِغتَدَت
عَلى مُنتَضى رَأيٍ مُمَرٍّ بِهِ السَحلُ
كَأَنَّ مَجالَ العَينِ مِنهُ وَقَلبَهُ
وَغُرَّتَهُ نَصلٌ حَماهُ الصَدى الصَقلُ
أَنافَ بِهِ العَلياءَ يَحيى وَجَعفَرٌ
فَلَيسَ لَهُ مِثلٌ وَلا لَهُما مِثلُ
فُروعٌ تَلَقَّتها المَغارِسُ فَاِعتَلى
بِها عاطِفاً أَعناقَها قَصدَهُ الأَصلُ
لَهُم هَضبَةٌ تَأوي إِلى ظِلِّ بَرمَكٍ
مَنوطاً بِها الآمالُ أَطنابُها السُبلُ
أَقَرَّت عَلَيهِم نِعمَةَ اللَهِ نِعمَةٌ
لَهُم في رِقابِ الناسِ لَيسَ لَها نَقلُ
وَقَوا حُرَمَ الأَعراضِ بِالبيضِ وَالنَدى
فَأَموالُهُم نَهبٌ وَأَعراضُهُم بَسلُ
حُبّاً لا يَطيرُ الجَهلُ في عَذَباتِها
إِذا هِيَ حَلَّت لَم يَفُت حَلَّها ذَحلُ
جَرى آخِذاً يَحيى مُقَلَّدَ جَعفَرٍ
وَصَلّى إِمامُ السابِقينَ اِبنُهُ الفَضلُ
بِكَفِّ أَبي العَباسِ يُستَمطَرُ الغِنى
وَتُستَنزَلُ النُعمى وَيُستَرعَفُ النَصلُ
وَيُستَعطَفُ الأَمرُ الأَبِيُّ بِحَزمِهِ
إِذا الأَمرُ لَم يَعطِفهُ نَقضٌ وَلا فَتلُ
لَهُ سَطَواتٌ غِبُّها العَفوُ بَينَها
فَوائِدُ يُحصى قَبلَ إِحصائِها الرَملُ
تُسَلُّ سَخيماتُ الأَيّامِ مِن نَشرِ نِعمَةٍ
تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو
إِذا خَلَتِ الأَيّامُ مِن نَشرِ نِعمَةٍ
تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو
مَواهِبُ لَم تُغصَب فَتُعقَل بِمِثلِها
وَلَكِن بَقِيّاتُ الثَناءِ لَها عَقلُ
يُلَبّى مُنادي جَعفَرٍ وَاِبنِ جَعفَرٍ
إِذا اِعتَرَتِ النَكباءُ وَاِحتَجنَ الوَيلُ
بِعَينَيكَ آمالٌ تَروحُ وَتَغتَدى
عَلى جودِهِ يَقتادُها القَولُ وَالفِعلُ
إِذا ما أَبو العَبّاسِ حَلَّ بِبَلدَةٍ
كَفاها الحَيا وَاِستَجهَلَ الخَوفُ وَالمَحلُ
أَتَتكَ الأَمانِيُّ اِعتِباداً وَرَغبَةً
بِرِجلٍ مِنَ الآمالِ يَتبَعُها رِجلُ
تَبَسَّمَ عَنكَ المَهلُ في غايَةِ النَدى
كَذَلِكَ يَحيى كانَ قَدَّمَهُ المَهلُ
أَسَرَّتكَ آمالٌ فَنالَت بِكَ الغِنى
وَجاءَتكَ أُخرى عَلُّها أَبَداً نَهلُ
وَما خَوَّلَتكَ المَكرُماتُ سَجِيَّةً
حُبيتَ بِها إِلّا وَأَنتَ لَها أَهلُ
أَبوكَ اِستَرَدَّ الشامَ إِذ نَفَرَت بِهِ
مُلَقَّحَةً شَعواءَ لَيسَ لَها بَعلُ
بِجَيشٍ كَأَنَّ اللَيلَ بَعضُ حَديدِهِ
تَهادى الرَدى فيهِ الفَوارِسُ وَالرَجلُ
وَلَمّا تَناءَت بِالقَراباتِ مِنهُمُ
حَوادِثُ تَمريها الوَقائِعُ وَالأَزلُ
وَمالَت قَناةُ الدينِ فيهِم وَثُقِّفَت
قَناةُ الرَدى وَاِستَعذَبَ المُهَجَ القَتلُ
نَضى سَيفُهُ فيهِم بِحَقنِ دِمائِهِم
وَسَفكِ دِماءٍ عِندَها ضَحِكَ التَبلُ
أَقامَ عَلى أَقطارِها شاهِدُ الرَدى
طَلَيعَةَ رَأيٍ غِبُّهُ العَفوُ وَالبَذلُ
إِذا شاءَ أَعطَتهُ الأُنوفَ مَقودَةً
صَوارِمُ بيضٍ أَو رُدَينِيَّةٌ ذُبلُ
هُنالِكَ أَضحَكنَ العِدى عَن نُفوسِها
وَقَد ضَحِكَت دَهياءُ أَنيابُها عُصلُ
مَرى لَهُمُ خِلفَينِ بِالحَتفِ وَالنَدى
لِكُلِّ يَدٍ مِن نَزعِ ساعِدِها سَجلُ
بَعيدُ الرِضى لا يَستَميلُ بِهِ الهَوى
وَلا يَتَعاطى الجِدَّ مِن رَأيِهِ الهَزلُ
إِذا اِفتَرَّتِ الثَغرَ الخُطوبُ اِنبَرى لَها
بِعابِسَةٍ مُفتَرُّها الأَسرُ وَالقَتلُ
وَتَستَغرِقُ الشورى بَديهَةُ رَأيِهِ
وَإِن كانَ مَضروباً عَلى قَلبِهِ الشُغلُ
شِهابُ أَميرُ المُؤمِنينَ الَّذي بِهِ
أَضاءَ عَمودُ القَصدِ وَاِحتَزَبَ العَدلُ
إِذا ضُيِّعَ الرَأيُ اِستَشَفَّ كَأَنَّهُ
شَواهِقُ رَضوى لَيسَ في خُلقِهِ دَخلُ
رَقيبٌ عَلى غَيبِ الأُمورِ وَرَجمِها
بِرَأيٍ قَويمٍ مِنهُ ما الغَصبُ وَالخَتلُ
يَقومُ بِباغي الدينِ يَحيى وَجَعفَرٌ
إِذا لُحِيَ الإِسلامُ وَاِضطَرَبَ الحَبلُ
مَتّى شِئتَ رَفَّعتَ الرِواقَ عَلى الغِنى
إِذا أَنتَ زُرتَ الفَضلَ أَو أَذِنَ الفَضلُ