انتقل إلى المحتوى

تعجب من صبري على ألوانها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تعجبُ من صبري على ألوانها

​تعجبُ من صبري على ألوانها​ المؤلف مهيار الديلمي


تعجبُ من صبري على ألوانها
في وصلها طوراً وفي هجرانها
تحسبُ أنّ لوعتي ودمعتي
من قلبها القاسي ومن أجفانها
وكلاءُ من كلّفها وثيقة
كلَّفها ما ليس من أديانها
تسلِّط البلوى على عشّاقها
تسلُّطَ الحنثِ على أيمانها
ينصل ما يُعقد من عهودها
نصولَ ما تخضبُ من بنانها
الودُّ بالقلبِ ودعوى ودِّها
لا تتعدَّى طرفيْ لسانها
فكلّما أعطتك في محبةٍ
زيادةً فاقطع على نقصانها
وقفتُ أسترجعُ يومَ بينها
قلبا شعاعا طاح في أظعانها
ولم يكن منّى إلا ضلَّةً
نشدانُ شيءٍ وهو في ضمانها
بانت وبقتنيوليس خلفا
على ظباءِ رامةٍوبانها
فما خدعتُ عن لحاظ عينها
بما رنا إليَّ من غزلانها
ولا عتبتُ عن تثنِّي قدّها
بأن أحالتني على أغصانها
يا للغواني وقوى فتكاتها
مع ضعفِ ما نغمزُ من عيدانها
بل لا عجيب ما نراه شيمةً
من نكثِ قاسيها ومن خوانها
مع الذي نقِّصَ من حلومها
وضعفتْ ألبابها من شانها
فقد سرى الغدرُ إلى أفاضل الر
جالِ واستولى على أعيانها
وضاع ما استسلفَ من ذمامها
بيضَ تناسيها إلى نسيانها
فسيرة النساء في عشَّاقها
من سيرة الرجال في إخوانها
وكنتُ عبدَ خير مولىً علِّقتْ
به المودات عرى أقرانها
وسارت العيسُ بحسنِ ذكره
منشوطةً تمرح في أرسانها
ملهبةٌ سوقُ الوفاءِ عنده
لا يُخمدُ الجفاءُ من نيرانها
إذا رأى مكرمةً مبتاعةً
غالى بها وزاد في أثمانها
فغيَّرته شيمٌ مجلوبةٌ
ما شاور الحفاظَ في إتيانها
لم أكُ في تحرُّزي أخافهُ
بسيّءِ الظنّ على استحسانها
صدَّ كأنْ ما ضمَّنا ربعُ هوىً
تصبو له النفسُ إلى أوطانها
ولا قرنتُ حبّةَ صبابةً
لا يطمع العاذلُ في سلوانها
ولا تدرَّعتُ بوصفِ فضلهِ
في حلبةٍ برَّزتُ في ميدانها
بكلِّ متروكٍ لها طريقها
ملقىً إليها طرفا عنانها
لا تطمعُ الألسنُ أن تروضها
على قواها أو على بيانها
خدعتها بالمكرِ حتى نفثتْ
عزيمتي في عقدتيْ شيطانها
لو قدمت لم يروَ شئٌ غيرها
لكنني أوتيت من حدثانها
يسمعها قومٌ وليسوا قومها
في زمنٍ وليس من أزمانها
فماله أخافها بنكثهِ
مع الذي قدَّم من أيمانها
أما اجتنى لعرضهِ من طيبها
ما تجتنى الروضةُ من ريحانها
فقل له على نوى الدار به
وما التوى واشتدّ من أشطانها
هل أنت عزَّ الملك يوماً عائدٌ
للوصل أم ماضٍ على هجرانها
وهل صبرت ساليا أو ناسيا
عن حسنها البادي وعن إحسانها
أما عهودي لكمُ مشيدةٌ
لا يطمع الهادمُ في بنيانها
ونحلتي فيكَ كما عرفتها
لم ينتقص كفركَ من إيمانها
وفي فؤادي لهواك رتبةٌ
لا يصل العشقُ إلى مكانها
يستأذنُ الناسُ عليها فمتى
ما حجبوا فادخل بلا استئذانها
فإن تعدْ تعُدْ إلى خلائق
ما زلتَ محسودا على حسانها
وطالما شاورتَ نفساً حرّةً
من همّها المجدُ ومن أشجانها
تقبَّلتْ سماحها وفخرها
عن طيِّها إرثا وعن شيبانها
وإن يُحلكَ ما استفدتَ بعدنا
من ورق الدنيا ومن أفنانها
وإن وقعنا وارتفعتَ طائرا
تطلعكَ السماءُ من أعنانها
في دولةٍ لمّا دعيتَ نجمها
كنتَ مدار السعدِ في قرانها
كسوتها سربالَ مجدٍ لم تكن
تعرفه قبلك في أعوانها
فسعةُ الأنفس وانبساطها
يبينُ في العزّةِ من سلطانها
وليس إلا الصبرُ والشكرُ على
سلامةِ الصدور أو أضغانها
بعدتَ فاعلم أنّ شمسَ بابل
عندي بلونٍ ليس من ألوانها
تبصرها عيني مذ فارقتها
بمقلةٍ شخصك في إنسانها
فما رأتْ مغناك أو تمثَّلتْ
دارك إلا شرقتْ بشانها
وكيفَ يغنى الفضلُ أو أبناؤه
بريع دارٍ لستَ من سكّانها
لا نارها نارُ القِرى وإن ورتْ
فليس للجارِ سوى دخانها
فاسلم قريبا أو بعيدا إنّما ال
علياءُ أنَّى كنتَ في أوطانها
وراعِ فيَّ همّةً أهزلتها
بالصدِّ وارجعْ بي إلى إسمانها
وادللْ على كسبِ العلا في صلتي
عشيرةً غررتُ في امتحانها
جرَّبتُ أخرى قبلها ظالمةً
كنتَ عليَّ أنتَ من أعوانها
لم يكُ عن قصدٍ ولكن رمتَ لي
ثمارها عن غير ما إبَّانها
فربَّما غطَّى ارتياض هذهِ
على وقوفِ تلك أو حرانها
فما تضلُّ أعينٌ عن فقَرى
وأنت تحدوها إلى آذانها