انتقل إلى المحتوى

تضلعت من شرب روي بلا شرب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تضلعتُ من شربِ رويٍّ بلا شُربِ

​تضلعتُ من شربِ رويٍّ بلا شُربِ​ المؤلف محيي الدين بن عربي


تضلعتُ من شربِ رويٍّ بلا شُربِ
كما أنني أشهى إلى القلبِ من قلبي
فإنَّ لمقلوبي جمالاً يخصه
أهيم به وجداً على البعد والقربِ
أبيتُ أناجيه بنومي ممثلاً
وإني إذا استيقظتُ عدتُ إلى صحبي
فإنْ كان عن بَيْنٍ فشوقٌ مجدَّدٌ
وإنْ كانَ عنْ وصلٍ فحسبي إذاً حسبي
فإنْ جادَ بالتمثيلِ في حالِ يقظتي
فذلك أحلى لي من الموردِ العذبِ
إذا ما رأيتُ الدارَ أهوى دخولَها
ولكنْ على الأبوابِ أرديةٌ الحجبِ
ومن خلفها البوّابُ يسمع وطأتي
فيغفلُ عني للذي بي منْ عجبِ
كعتبة يزهو بالعبودة عندما
تحققَ فيها منْ مساكنةِ القربِ
هيَ الأمُّ سماها ذلولاً لخلقِهِ
وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنب
حياءً وأعطتنا مناكبَ نظمِها
فنمشي بها عنْ أمرِ خالقها الربُّ
إذا كان حالُ الأمِّ هذا فإنني
لأولى به منها إلى انقضا نحبي
تمنيتُ منه أنْ أكونَ بحالها
مع الله في عيشٍ هنيء بلا كَرْب
فياتي وجودي للدعاوى بصورةٍ
تنزله مني كمنزلةِ الربِّ
وهيهاتِ أينَ الحقُّ من حالِ خلقه
بذا جاءَتِ الأرسالُ منهُ معَ الكتبِ
لقد أوردتْ نفسي حديثاً مُعنعناً
عن الرُّوحِ عن سري عنِ الله عنِ قلبي
بأنَّ وجودي عينه وهويتي
هويته فاركبْ على مركبٍ صَعب
فلمْ يبقَ فينا مفصلٌ فيه قوةٌ
أشاهدها إلا وعينها ربي
فكيف لنا منهُ وقد صحَّ مخلصٌ
ويعتبني وقتاً فأعجبُ من عتبي
وإنَّ لهُ إنْ حدَّثَ المرءُ نفسه
دليلاً له فيما ذكرتُ من العُتْبِ
ألا إنني عبدٌ لمن أنا ربُّه
قضى بالذي قدْ قلتُه في الهوى حبي