تبدي الغرام وأهل العشق تكتمه
المظهر
تُبْدِي الغرامَ وأهلُ العشق تكتمُه
تُبْدِي الغرامَ وأهلُ العشق تكتمُه
وتدّعيه جِدالا منْ يُسَلِّمهُ
ما هكذا الحبُّ يا من ليس يفهمه
خلِّ الغرامَ لصبٍ دمعُه دمُه
دعْ قلبَه في اشتغالٍ من تقلبُّه
ولبَّه في اشتعالٍ من تلهبُّه
واصنعْ جميلَ فعالٍ في تجنبه
واقنعْ له بعلاقاتٍ عَلِقنَ به
فؤاده في الحمى مسعى جآذرِه
وفي نجوم السما مَرعى نواظرِه
فيا عذولاً سعى في لوم عاذره
عذلتَه حين لم تنظر بناظره
أما ترى نفسه مَرعَى الهَوى انتجعتْ
وساقها الحبُ فانساقتْ ولا رجعتْ
فاعذرْ أو اعذلْه ما وُرْقُ الحِمى سجعتْ
لو ذقتَ كأس الهوى العذريّ ما هجعتْ
ولا صبوتَ لسلوانٍ ولا مللِ
ولا جنحتَ إلى لومٍ ولا عَذِلِ
ولا انثنيت لخطبٍ في الهوى جللِ
ولا ثنَيت عنانَ الشوق عن طلل
فكيف ناقشته في أصل مذهبهَ
وما تحرَّيتَ تحقيقاً لملطبهِ
فوالذي صانه عن وَصمةِ الشبه
ما الحبُّ إلا لقومٍ يُعرفون به
تجيبه إنْ دعا للوعدِ أُمتُه
وعزمه بينهم سامٍ وهممتُ
قومٌ لديهم بيانُ الحب عجمته
عذابه عندهم عذبٌ وظلمته
يا منْ دعاهُ هواه أن يعاشرَهم
اسلكْ مشاعرهم والزمْ شعائرَهم
وإن تكلَّفتَ أن تدرى أشايرَهم
كلَّفتَ نفسك أن تقفو مآثرهم
في حب ليلى خلىُّ البال يعذلُنى
إن لم أغالظ فما ينفكُّ يخذلني
فوالذي منزلَ العشاق ينزلنى
إنى أورِّى عَذولي حين يسألني
كم في الهوى والنوى قاسيتُ من ألم
وكم ملأتُ طروسَ العشق من كلم
وكم سهرتُ سميرَ النجم في الظلم
وطالما سجعتْ وهْناً بذى سلَم
ما السحبُ إلا دموعُ العين باكيةً
ولا لظَى غير أحشائي محاكيةَ
لا شك أني أناغي الوُرق شاكيةً
وتثنى عذباتِ البان حاكيةَ
إمامُ عشقٍ تَوَّلى نصرَ ملَّته
على الوشاةِ وفاداها بمهجتهِ
نادى وقد ذابَ وجداً مع ثنيته
يا من أذاب فؤادي في محبته
متى بربْع صحابي أبلغُ الأملا
فكم سقى ماءُ دمعي السهلَ والجبلا
وما شفى معهداً من ساكنيه خلا
سقى الجبال فرعنَ الطودَ منه إلى
ملثُ غيثٍ يسحُّ الوابلَ الهطلا
وصيبُ طيبٍ يستخصبُ الطَللا
أضحى بمنهمر الأنواء منهملا
وبات يرفض من وادي الحزام على
حيَّا منازلُها فيضُ الحيا وملا
أرجاءها من بروقٍ يبْتسمْنَ جلا
ولا عدا عن رُباها الجودُ إذْ نزلا
يسوقه الرعدُ من خير البطاحِ إلى
سمى جُودٍ سريعاتٌ نجائبه
وليُّ عهدٍ مُريعاتٌ رَغائبهُ
وواكفٌ بالندى تكفي سَواكِبه
وكلما كفَّ أو كَلتْ ركائبُه
ما درَّ من قبله غيثٌ يُعارضَهُ
ولا أضرتْ بمسراهُ عوارضُه
تخاله وهو لا ريحٌ يُناقضه
لما ألثَّ على البطحاء عارضه
برقٌ بواسمه في الجو قد سطعتْ
فقهقهَ الرعدُ بالغبْرَا وقد خشعتْ
والرجع سحَّ من الخضرا وما جمعت
سقى الرياض التي من روضها طلعت
مغاربُ الأرض طُراً أو مشارقها
تسعى إلى طيبةٍ منها خلائقها
مدينةُ العلمِ هل تخفى حَقائقها
حيث النبوةُ مضروبٌ سرادقها
يلوح في روضةٍ مأثورةِ الشرفِ
دريُّ كوكبها يجلو دُجى السُّدفِ
والبدر يطلعُ في أفقٍ بلا كلفِ
والشمسُ تسطع في خلف الحجابِ وفي
يا زائراً قبرَ خيرِ البدو والحضرِ
الثمْ ثرى تربه المعشوشِب النضرِ
يلقاك حياً بأهنى عَيْشهِ الخضر
محمدٌ سيد الساداتِ من مُضر
عَرِّجْ بساحته يمنحْكَ تكرمةً
فلا تخفْ بعدها بغياً ومظلمةً
هذا المشفَّع يومَ العرض مرحمةَ
فردُ الجلالة فردُ الجود مكرمةَ
من في صَباحه يحكيه مبتسما
من في ملاحته حازَ البها وسما
كم أقسمَ الحقُ باسم المصطفى قسما
نورُ الهدى جوهرُ التوحيد بدرُ سما
بطيب عُنْصره طابتْ سريرتُه
شمائلُ المجد دونَ الحدِّ سيرتهُ
وسورةُ الفتح مثل الحمدِ سورته
من نور ذي العرش منشاه وصورته
من لاذَ من فَزعٍ بالهاشميِّ أَمِنْ
أو حادَ عنه فعن سُبل الرشاد عَمٍ
بالفضل قد خصّه مولاه وهو قَمِنْ
ومُودعُ السر في ذاتِ النبوة مِن
ما حكمةُ الله ألا تُعجز الحُكما
قد أبرزتْ للورى أسمى الورى عَظُما
لبُّ اللباب تَسامى أصلُه ونما
فذاك من ثمراتِ الكون أطيبَ ما
سيوُفه بالردى نحو العدا لمعتْ
وكفُه بالنَّدى قبلَ النِّدا همعتْ
صفوفه في المدا رُوم الهدى اجتمعتْ
فما رأتْ مثلَه عينٌ ولا سمعت
لا تُعْزَ روماً وتُركاً أو جراكسةً
لحسنه إن في هذا مواكسةً
تقول آمنةٌ فيه منافسةً
أضحتْ لمولدِه الأصنامُ ناكسةً
فلا ترى الفرسَ للنيران جانحةً
بعد الخمود ولا الأنوارُ لائحةً
والمانويةُ لا تنفكُّ نائحةً
وأصبحتْ سُبلُ التوحيدِ واضحة
كم ظلمةٍ عند أهل الزْيغ كامنةٍ
قد انجلتْ بيدٍ للنفع ضامنةٍ
وعصبةٍ من هجوم الروع آمنةٍ
والأرضُ تَبهجُ من نور ابن آمنةٍ
فلا ترى كاهناً للغيب يسترقُ
كلاَّ ولا مارداً إلا ويحترقُ
والجنُّ خابوا الرجا بل مَسَّهم فرقُ
وإن يقُم لاستراقِ السمع مسترِقُ
فكم تحدَّى وأبدى في دلالتهِ
من معجزاتٍ توالتْ في رسالتهِ
فقل لطاغٍ تمادى في ضلالتهِ
إن ابنَ عبد منافٍ من جلالته
ما جاء مَن سلَب الأعدا غنيتمُه
به قتادةُ قد ردتْ كريمتُه
في كل آونةٍ تَزدادُ قيمتُه
العدل سيرتُه والفضلِّ شيمتُه
في حَوْمَةِ الدين أصْمَى الغيَّ والجدلا
وجَنْدلَ الكفرَ حتى صار مُبتذلا
يمٌ طويلُ نجادٍ حكمُه عدلا
أقام بالسيف نهجَ الحق مُعتدلا
يا صاح كنْ برسول الله مُقتديا
في فعله وبنورِ الحق مُهتدياً
فكم أبادَ من الباغين مُعتديا
وكلما طال ركنُ الشِّركِ مُنْتهِيا
بسعدِ طالعه تسمُو كواكبُه
وطالما ابتهجتْ زهواً مواكبُه
سَلْ البراقَ بماذا فاز راكبه
سارتْ إلى المسجد الأقصى رَكائبه
سَرى به وهو في أقصى تعجبِه
وفاز طه بأعلى المجد أعجبهِ
له انجلى ما توارى في تَحجبه
والشوقُ يهتف يا جبريلُ زُجَّ به
في رؤيةِ الرسل ليلاً كمْ قضى أرَبا
وكم دنا وتدلّى ثمَّ واقتربا
لقد رأى الآية الكُبرى وما اضطربا
والعرشُ يهتزُّ من تعظيمه طربا
اعتزَّ بالله حباً في معزتهِ
وحلَّ في الملأ الأعلى بحوزتهِ
فكيف فاز نبيٌّ شطرَ فوزته
والحقُ سبحانه في عزِّ عزته
في السبع فازَ بخمسٍ فوزَ منصرفِ
بأجر خمسين يُسدى شكر معترفِ
ونال ما نال من مجدٍ ومن ترف
فكم هنالك من عزٍّ ومن شرف
كفَّارُ مكةَ ما كانتْ مُجوزةً
لا زال يمنحُ آياتٍ معززةً
حتى إذا جاء بالتنْزيل مُعجزةً
بل أصبحت بالأحاجي فيه مُلغزة
أجابَ كلّ مصيخٍ بالسجود كما
آياتُه أخرستهم مَنطقاً وفمَا
وحيثُ كلٌ لديها ألقوْا السلما
هانتْ صفاتُ عظيم القريتين وما
فطالما بَالغُوا في السبِّ أو ثَلموا
عِرْضاً وأنفسَهم والله قد ظلموا
لو ميَّزوا قدرَهم من قدره سلموا
حال السُّهَى غيرُ حالِ الشمس لو علموا
عمْىُ البصائر عن قَدْرٍ وعن قَدَرِ
صمُّ المسامع عن تقديرٍ مُقتدر
فمن تخلف في وِرْدٍ وفي صدرٍ
فاصدعْ بأمرك يا بنَ الشمّ من مضر
من يَسبْغِ شأرَك في قاب الكمل يمُنْ
بحظِ منهزمٍ يكبْوُا وعجزِ زَمِنْ
لك الشفاعةُ مولاك الكريمُ ضَمن
لك الجميلُ من الذكر الجميل ومن
ففي البداية كنتَ السيدَ الحكَما
وفي النهاية حزتَ الحُكم والحِكَما
فرِّجه ودعْ الكهانَ والحِكما
يا أيها الآملُ الراجي ليهنك ما
يممْ ضريحاً إذا ما قام يحصُره
عادٍ ملائكةُ الرحمن تنصره
روضاً تباهتْ به في الدهر أعصره
قبراً أشاهد نوراً حين تبصره
خِضَمْ جودٍ تناهى في عزازتِه
فيه الأميرُ برئٌ من إمارته
من لي ولو بنصيبٍ من خفارته
كم استنبْتُ رفاقي في زيارته
قلبي طليقُ اللِّقا جسمي مُقيدُّه
فليتَ شعري متى يَفْديه سيدُه
كم أمَّهُ زائرٌ مثلي يؤيده
وكم تصافحه من لا يدي يده
أراه كالبدر في العلياء أرصدُه
قرينَ بُعدٍ وبالآمال أقْصِدُه
من للمُريد وقد أقصاه مُرشده
متى أناديه من قرب وأنشده
حديثةٌ السنِّ ما نيطتْ تمائمُها
نضيرةُ الغصن قد غنتْ حمائمها
راجتْ حواسدُها جارتْ لوائِمُها
مهاجريةٌ أفترّتْ كمائِمها
عذراءُ منذورةٌ في خدمة الحرمِ
عسى يكونُ بها صفحٌ لمجترمِ
ويبلغ القصدَ قبل الفوتِ بالهِرمِ
كم يأمل الروضةَ الغراءَ ذو كرمِ
لما تجنَّى زماني الذنبَ وافتعلا
وابيضَّ مسودُّ شعر الرأس واشْتعلا
قصدتُ منْ جلَّ في سلطانه وعَلا
مستعدياً بحبيب الزائرين على
هل سامَ فخرك إنسانٌ ولا ملَكٌ
أورام قدرَك سلطانٌ ولا مَلِكُ
فانْ ألمَّ زمانٌ خطبه حلك
فقمْ بعبدك يا شمسَ الوجود وك
فكم سقاه الردى أقذَى مشاربِه
من حيث ساقَ له أدهى نَوائبه
فاجعلْ زيارته أبهى مناقبهِ
وادعُ الإله إذا ضاق الخِناقُ بِهِ
أرجوكَ نَصرةَ إعزازٍ مؤزَّرةً
على هوى النفس إذ كانتْ معذّرةً
وقد توالت جيوشُ الهمِّ منذرةً
يا سيِّدَ العربِ العرْباءِ معذرةً
إلى حماكَ ضعيفاً أمرُه وَكلا
وكم مليكِ حمىً بالجاه رعى كَلاَّ
أصبحتُ كلاًّ على نُعماك بل ثِكلا
أثقلتُ ظهري بأوزارِي وجئتُك لا
سلكتُ في هذه الدنيا سلوك غبي
وما غدوتُ من الأخرى على رَهبِ
لكن تعلَّقتُ في أذيال خير نبي
يا صاحبَ الوحي والتنزيل لطفك بي
رفاعةُ يشتكي من عصبةٍ سخرتْ
لما رأت أبحرَ العرفان قد زَخَرَتْ
فارفعْ ظلامةَ نفسٍ عدلك ادخرتْ
وهاك جوهرَ أبياتٍ بك افتخرت
قبولُ تَخمِيسها فضلٌ عليه ومَنْ
لأنه زَمِنٌ قاسَى ظروفَ زَمن
تلا مؤلفها يرجو الخلاصَ ثمنْ
فانهضْ بقائلها عبد الرحيم وَمَنْ
فاكشفْ بحقك عند اليوم مَظلمةً
من الهموم غدتْ كالليلُ مظلمةً
وانظر إليه بعين الفضل مَكرمة
واجعله منك بمرأى العين مَرحمةً
وارحمْ غريباً بُعيدَ الدار غائبه
حبلُ النوى حِملُ الأثقالِ غاربُهُ
فصِلْ رَغائبه وافصلْ غرائبه
وإن دعا فأجبه واحمِ جانبه
أسيرُ بيْنٍ قليلُ الصبر قاصِرُه
وعصرُه بفراقِ الأهل عاصره
وأنت ذو كرمٍ لا شيَّ حاصره
فكلْ من أنت في الدارين ناصره
وهذه حاجةُ الملهوفِ مُجملُها
وأنتَ أعلمُ والمولى يُجملُها
وتنتهي وقريبُ العفو يشملها
عليك مني صَلاتُ الله أكملُها
يَسقى البرايا جميعاً ريَّ عارضها
إنساً وجناً ووحشاً في مرابضها
تُشفى الخلائق طُراً من تمارضها
يُبدي عبيراً ومسكاً مسكُ عارضها
وها تحيةُ ربي أكرم الكُرَما
تنحُو ضريحك يا خيرَ الورى كَرَما
سواطعُ النور منها تملأ الحرما
ما رنح الريحُ أغصانَ الأراكِ وما
تحيةً بصلات البر عائدةً
بالخير موصلةً للرشد قائدةً
تُثنى عليك وليست عنك حائدةً
رَتنثني فتعمُ الآلَ جائدةً