انتقل إلى المحتوى

بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشقٍ

​بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشقٍ​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشقٍ
طِلاً لمشوقِ زفها كفُّ شائق
ولم أرَ في الأحشاء ألطفَ موقعاً
وأرشقَ من نبل العيون الرواشق
وأغرق أهلُ الحب في الحب مهجةً
بكل غريرٍ في المحاسن فائق
أظنَّهم حتى على لحظ عينه
بما احمرَّ من وردٍ بخديه رائق
وما العمرُ عندي كلُّمه غير ليلةٍ
يبيت رهيفُ الخصر فيها معانقي
ترفُّ على صدري خوافقُ فرعه
رفيفَ حشاً مني على الشوق خافق
كأنَّ الثريّا طوقته هلالها
ومن حسدٍ مدّتْ له كفَ سارق
من الريم لم يألفْ سوى الرمل ملعباً
ولم يرتبعْ إلا بإحناء بارق
ونشوانَ من مشمولة الدلّ قدُّه
أرقُّ من الغصن انعطافاً لوامق
مورّدُ ما بين العذارين زارني
فنزَّه أحداقي بلون الحدائق
وقلتُ وقد أرخى على الخد صدغه
لقد سلسلَ الريحان فوق الشقائق
أقبلُ طوراً ورد خديه ناشقاً
عبيرَ شذىً ما شقَ عرنين ناشق
وألثمُ طوراً ثغره العذبَ راشفاً
سلافة خمرٍ لم تدنسْ بذائق
خلوتُ وما بي ريبةٌ غير نظرةٍ
تزوَّدتها منه بعيني مُسارق
وراودته لكنْ من الثغر قبلةً
ألذَّ وأشهى من غبوقٍ لغابق
وأعرضتُ عما دون عقد أزاره
عفافاً وقد زالتْ جميع العوائق
وحسبُكَ منّى شيمةً قد ورثتُها
من الغالبين الكرام المعارق
خليليَّ ما للكأس كفّى ولا فمي
ولا كبدي للناهدات العواتق
نسيتُ وما بي يعلم الله صبوةٌ
ولا اجتذبتْ أحشاي بعض العلائق
عشقتُ ولكن غيرَ جارية المها
وما العيشُ إلا للمعالي بلائق
خذا من لساني ما يروقُ ذوى النهى
ويترك أهلَ النظم خرس الشقاشق
مديحاً لة تجلو مفارقُها العلى
وسلمانُ منها غرةٌ في المفارق
وقورٌ على الأحداث لا تستخفه
إذا طرقتْ في الدهر إحدى السوابق
ومنَ كعلى ّ القدر كان أبَا له
يزنْ بحجاهُ راسيات الشواهق
نقيبُ بني الأشراف أعلى كرامهم
عماداً وأسناهم فناءً لطارق
فما قلبّتْ أمُّ النقابة قبله
ولا بعده في مثله طرفَ رامق
فتىً إن سرى يوماً لإحراز مفخرٍ
فليس له غير العلى من مرافق
لقد غدت الدنيا عليه جميعُها
مغاربها تُثني ثناءَ المشارق
تطرَّقَ أمَّ المجد في بيت سؤددٍ
يطلّلُ عزاً بالبنود الخوافق
فانجبَ من سلمان وهو ذكا العلى
ببدر نهىً ظلام الغواسق
همامٌ نمته دوحةٌ نبوية
إلى مثمرِ في المجد منها ووارق
له النسبُ الوضّاح في جبهة العلى
مع الحسب السامي جميع الخلائق
يعدُّ رسول الله فخراً لمجده
وحسبك مجداً في الذرى والشواهق
تضوعُ بعطفيه السيادة مثلما
تضوَّع عرف المسك طيباً لناشق
به اقتدحتْ زند النجابة هاشمٌ
ففي وجهه من نورها لمعُ بارق
سما في المعالي طالباً قدرَ نفسه
إلى شرفٍ فوق الكواكب باسق
وفاتَ جميعَ السابقين إلى العلى
فقصّر عن إدراكه كلُّ سابق
وقالوا: رويداً حكَّ عاتقكَ السهى
فقال: وما قدرُ السهى حكُّ عاتقي
تمنطقَ طفلاً بالرياسة واحتذى
بأخمصها تيجان أهل المناطق
إليكم ملوكَ الأرض عن ذي سرادقِ
تجمّعت الدنيا به في السرادق
تقبّل أهلُ الفخر أعتابَ داره
فيأرج منها طيبُها في المفارق
فداء مفاتيح الندى من بنانه
أكفٌّ على أموالها كالمغالق
تعلل راجيها إذا اسودَّ ليله
بكاذب وعدٍ فجرهُ غير صادق
نديُّ بنان الكف في كل شتوةٍ
يجفُّ بها ضرع الغيوم الدوافق
فحين تشيمُ المجدبون بوارقا
تمنَّوا نداه غيث تلك البوارق
وضيءُ المجال والمعالي كليهما
وعذبُ السجايا والندى والخلائق
أخفُّ على الأرواح طبعاً من الهوى
ولكنَّه في الحلم هضبة شاهق
فما طلعةُ البدر المنير مضيئة
كطلعته الغراء في كل غاسق
مهيبٌ فلولا ما به من تكرُّمِ
لما لمحته هيبةً عينُ رامق
فما هيبةُ الضرغام دون عرينه
كهيبته القعساء دون السرادق
لقد كتب اللهُ الفخارَ له على
لواء عُلىً في الغرب والشرق خافق
تضايقت الدنيا ببعض فخاره
على أنه فرّاجُ كل المضايق
يضيع فضاءُ الأرض في رحب صدره
إذا هي غصتْ في الخطوب الطوارق
من الفاطميين الذين تراضعتْ
قناهم طلى الأعداء في كل مازق
همُ توجوا هامَ الملوك بيضهم
وداسوا على انماطهم بالسوابق
إذا نزلوا كانوا ربيعَ بني المنى
وإن ركبوا كانوا حماةَ الحقائق
تعانق فوق الخيل عاليةُ القنا
عناقَ سواها الغيد فوق النمارق
هم القومُ ما للشيخ منهم لكهلهم
وما منهم في كهلهم للمراهق
وهذا ابنهم سلمانُ والفرع طيبه
يجيءُ على مقدار طيب المعارق
إذا مسحتْ منه العلى وجهَ سابق
جلتْ من أبي محمود غرّة لاحق
فتىً علمه يحكى غزارة جوده
وما علمُ قومٍ غير محض التشادق
وقد قوّمت منه الإصابة رأيه
فكان لفتق الدهر أحزم راتق
ومنطيقُ فصل لو يشاء لسانه
لفلَّ حدودَ الفاصلات البوارق
يحاكى بقطع الخصم أسياف قومه
فيمضى مضاها في الطلى والمرافق
ويطعنه في قلبه بنوافذٍ
نفوذَ قناهم في قلوب الفيالق
أبا المصطفى أرغمت أنتَ وذو النهى
شقيقك في العلياء شمَّ المناشق
لقد زنتما جيد العلى من بينكما
بسمطى فريدٍ في العلى متناسق
فيا قمراً سارت بذكرْ علائه
نجومُ القوافي في سماء المهارق
إليكَ تعدتْ فكرتي كلَ فكرةٍ
لما لم يكنْ فيه مجالُ محاذق
فجاءتْ من القول الذي انفردتْ به
بآيات نظمٍ أفحمتْ كل ناطق
سلمتَ على الدنيا وفخرُك مشرقٌ
يضيءُ ضياءَ الشمس في كل شارق
لك الدهر عيدٌ لا يرى المجدُ عتقه
ولا هو يلوى عنكمُ جيدَ آبق