بكرت عليك مغيرة الأعراب
المظهر
بكَرَت عليك مُغيرة ُ الأَعرابِ
بكَرَت عليك مُغيرةُ الأَعرابِ
فاحفَظْ ثيابَك يا أبا الخطَّابِ
وَرَدَ العراقَ رَبيَعَةُ بنُ مُكَدَّمٍ
و عُتيبَةُ بنُ الحارثِ بنِ شِهابِ
أَفَعِنْدَنَا شَكٌّ بأنهما هما
في الفَتْكِ لا في صِحَّةِ الأنسابِ
جلَبا إليكَ الشِّعْرَ من أوطانِه
جَلْبَ التِّجارِ طرائفَ الأجلابِ
فبدائعُ الشُّعراءِ فيما جَهَّزوا
مقرونةٌ بِغَرائبِ الكُتَّابِ
تبّاً لقومٍ لا تَزَالُ حُلومُهم
و عقولُهم في ضِلَّةٍ وتَبابِ
لهما من الحَظِّ الصَّوارمُ والقَنا؛
و من الطُّروسِ نفيسةُ الأسلابِ
شَنَّا على الآدابِ أقبحَ غارةٍ
جَرحَتْ قلوبَ محاسنِ الآدابِ
فحَذارِ من حركاتِ صِلَّي قَفرةٍ
و حَذارِ من حَركاتِ لَيْثَيْ غابِ
لا يسلُبانِ أخا الثَّراءِو إنما
يتَناهبانِ نتائجَ الألبابِ
إنْ عَزَّ موجودُ الكلامِ عليهما
فأنا الذي وقفَ الكلامُ ببابي
أو يَهبُطا من ذَلَّةٍفأنا الذي
ضرُبَتْ على الشَّرَفِ المُطِلِّ قبابي
كم حاولا أَمَدِي فطالَ عليهما
أن يُدرِكا إلاّ مثارَ تُرابي
عَجْزاً ولم تقِفِ العبيدُإذا جرَتْ
يومَ الرِّهانِمواقفَ الأربابِ
و لقد حَمَيْتُ الشِّعْرَو هو لمَعشَرٍ
رِمَمٍسوى الأسماءِ والألقابِ
و ضربْتُ عنه المُدَّعينَو إنما
عن صُورَةِ الآدابِ كان ضِرابي
فغدَت نَبيطُ الخالديةِ تَدَّعي
شِعري وتَرفُلُ في حَبيرِ ثيابي
أشياخُ عُمْرِ الزَّعفرانِ تراهُمُ
حولَ الصليبِ حَوانيَ الأَصلابِ
نَزَلُوا ذَرَمَّةَ بين غَضِّ نواظرٍ
لم تَسْمُ مُذْ خُلِقَتْ وذُلِّ رِقابِ
وَطَنَ المُحرَّمَةِ الجسومِ نجاسةً
في خيرِ صُحفٍ نُزِّلَتْ وكِتابِ
من كلِّ أشقرَ باحثٍ خُرطُومُه
عن رِزقِهفتراه في إكْتابِ
خُزرِ العُيونِ خَفِيَّةٍ أصواتُها
تُكْسي الرؤوسَ شوائلَ الأذنابِ
يحمي جَوانبَ سَرْحِها إيرادُها
فيبيتُ عنها مُشْرَعَ الأنيابِ
رُعِيَتْ لشيخِ الخالديةِ بُرهةً
بل كان يَرعاها على الأحقابِ
أَسعيدُإنَّك لو بَصُرْتَ بهاشمٍ
في العُمرِ غيرَ مُبجَّلِ الأصحابِ
مَحْضَ المَذَلَّةِ راكباً عُكَّازَة
رَثَّ المعيشةِ شاحبَ الجِلبابِ
لحلفْتَ أنَّكَ لا تُطيلُ عِمامةً
مصقولةَ العَذَباتِ والأهدابِ
نفقُوا بآلاتِ الخَنا وتوهَّمُوا
أنَّ الزَّمانَ جَرى بهم وكَبَا بي
قَومٌإذا قَصَدُوا الملوكَ لمطلَبٍ
نُقضَتْ عمائمُهُم على الأبوابِ
من كلِّ كَهْلٍ يستطيرُ سِبالُه
لَوْنَيْنِ بينَ أناملِ البَوَّابِ
مُفضٍ على ذُلِّ الحِجابِ يَرُدُّه
دامي الجبينِتَجهُّمُ الحُجَّابِ
و مُفَهَّهَيْنِ تعرَّضا لِحِرابَتي
فتعرَّضَتْ لهما صدورُ حِرابي
نَظَرا إلى شِعري يروقُ فَترَّبا
منه خُدودَ كواعبٍ أترابِ
شرباه فاعترفا له بعُذوبَةٍ
و لرُبَّ عَذْبٍ عادَ سَوطَ عَذابِ
في غارةٍ لم تَنْثَلِمْ فيها الظُّبا
ضَرْباًو لم تَنْدَ القَنا بخِضابِ
تركَتْ غرائبَ مَنْطِقي في غُربَةٍ
مَسبِيَّةً لا تَهْتَدي لإيابِ
جَرحى وما ضُرِبَتْ بحَدِّ مُهَنَّدٍ
أسرَى وما حُمِلَتْ على الأقتابِ
لَفْظٌ صقَلْتُ متونَهفكأنَّه
في مُشرقاتِ النَّظْمِ دُرُّ سِخابِ
و كأنما أجريْتُ في صفَحاتِه
حُرَّ اللُّجَينِ وخالصَ الزِّريابِ
أغربْتُ في تحبيرِهفرُواتُه
في نُزهَةٍ منه وفي استغرابِ
و قطعتُ فيه شبيبةً لم تَشتغلْ
عن حُسْنِه بِصَباً ولا بتصابي
فإذا ترقرَقَ في الصَّحيفةِ ماؤُه
عَبِقَ النَّسيمُفذاكَ ماءُ شبابي
يُصغي اللبيبُ له فيَقسِمُ لُبَّه
بين التعجُّبِ منه والإعجابِ
جِدٌّ يَطيرُ شَرارُهو فُكاهَةٌ
تَستعطِفُ الأحبابَ للأحبابِ
أَعزِزْ عليَّ بأن أرى أشلاءَه
تدْمَى بِظِفْرٍ للعدوِّ ونابِ
أَفَنٌ رماه بغارةٍ مأفونةٍ
باعَتْ ظِباءَ الرُّومِ في الأَعرابِ
أَأُخَيَّ قد عزَّيْتَني بحسيبةٍ
منه فَعَزِّ بها ذوي الأحسابِ
عَزِّ الأكارِمَ أنها حَسَبُ النَّدى
فاضَتْ أنامِلُهم بغيرِ حِسابِ
هم نافسوا في حَليِه وبُرودِه
وَ هُمُ أُثيبُوا عنه خيرَ ثَوابِ
و سَقَوه محتَفِلَ الحَيا رَيَّانَه
و رأوا ذُنوباً سقيَه بذنابِ
إني أحذِّرُ مَنْ يقولُ قصيدةً
غرّاءَ خِدْنَيْ غارةٍ ونِهابِ
ذِئبَينِ إذ نَظَرا إلى سيَّارَةٍ
بَعَثا لها يوماً كيومِ دُؤَابِ
عِلْجَينِ إذ حَنَّ النَّواقِسُ صرَّحا
بالشَّوقِ أو حَنَّا حَنينَ النَّابِ
شَغَفاً بذي القُربانِ يصدُقُ أنه
ينشقُّ من نَسَبٍ إليه قُرابِ
و رضىً عن الإنجيلِ يُظْهِرُ فيهما
غَضَباً على الفُرقانِ والأحزابِ
إني نَبَذْتُ على السَّواءِ إليكما
فتأهَّبا للفادحِ المُنتابِ
نُصِبَتْ مجانيقُ الهجاءِو إن رأَتْ
لكما ضُؤولَةَ مَنصِبٍ ونِصابِ
و إذا نَبذْتُ إلى امرىءٍ ميثاقَه
فليَستعِدَّ لسطوتي وعِقابي
حاولتُما جبلاً كأنَّ رِعانَه
فَوقَ السَّحابِ الغُرِّ غُرُّ سحابِ
فإذا أصابَكما غِضابُ سِهامِها
غَيرتْ مدى الأيام غيرَ غِضابِ
و جريتُما في غِرَّةٍفنَكصتُما
من سَوءَةِ العُقبَى على الأعقابِ
و رميتُما المِسكَ الذَكيَّ بِغَيْبَةٍ
و ذَكاؤه يُربي على المُغتابِ
فَلْتَلْفَحَنَّكُما سمائمُ مَنطِقي
و لتُغْرِقَنَّكُما سُيولُ شِعابي
و لْتَسرِيَنَّ مع الجَنوبِ إليكما
مغموسةً في الشَّرْي أو في الصَّابِ
و لْتَطْلُعَنَّ من الفِجاجِ كأنها
غُرَرُ الجيادِ لواحِقُ الأقرابِ
و لأَضْرِبَنَّكُما على ما خُنْتُما
بصوارمٍ للشِّعرِ غيرِ نَوَابِي
متواتراتٍ لا تغُبُّكماو هل
للصُّبحِ راعي الليلِ من إغبابِ
تشتقُّ أجبالُ الشَّقيقِفإن سَرَت
ذاتَ اليمين خطَتْ غِمارَ الزَّابِ
نبلٌ أُغلغلُ منكما مسمومةً
بمكامنِ الأحقادِ والأطرابِ
فأُريكما الدنيا به مُغبرَّةً
حتى يُظَنَّ اليومُ يومَ ضَبابِ
فلْتَعْلَماإن لم تَهُبَّ عليكما
أبداًنسيمَ جِنايتي وجَنابي
وَ لْيَحْذَرِ الكذّابُ تِربُكُما يداً
باتتْ تَحنُّ إلى طَلَى الكذَّابِ
فَلَكَمْ عدوٍّ قد أطلْتُ عَذابَه
بِكُلومِ رَيِّقَةِ الكلامِ عِذابِ
وشَّيْتُها قبلَ الحُتوفِ كما ارتدى
بالوَشْيِ ظهرُ الحيَّةِ المُنسابِ
لولا أبو الخطَّابِ طالَ تنكُّري
للخَطْبِ يظلِمُنيو ساءَ خِطابي
و هَبَتْ شمائلُه الجزيلَو أَبرأَتْ
يُمناه من نَدَبِ الزَّمانِ إهابي
و كفاكَ أنَّ الدَّهرَ أَعْتَبَنِي به
فَكَفَيْتُ عَتْبي عندَه وعِتابي