بخلت وما طرفي عليك بخيل
المظهر
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
وربَّ نوالٍ لا يراه منيلُ
وحرّمتَ أَنْ يروى بريقك ظامىء
فليس إلى ماء العُذَيب سبيل
وأظلمُ من يجني على الصبّ في الهوى
مليٌّ لوى دين الغرام مطول
ويا كثر ما نوّلت بالوعد نائلاً
وإنّ كثير الغانيات قليل
أَعيدي إلى عينيَّ يا ميُّ نظرة
يبلّ بها من عاشقيك غليل
وجودي بطيف منك قد حال بينه
وبيني حزون للنوى وسهول
فعندي إلى ذاك الخيال الذي سرى
هوىً يستميل الشوق حيث يميل
وليلٍ كحظيّ في هواك سهرته
فطال وليل العاشقين طويل
يؤرّقني فيه تَأَلُّقُ بارقٍ
كما استلَّ ماضي الشفرتين صقيل
بداجٍ كثير الشهب تحسب أنَّها
تقطّع زنجيَّ الظلام نصول
يذكّرني تَبْسامُك البرقَ موهناً
فللدمع منه سائل ومسيل
أراني علامات الورود وميضه
ومالي إليه يا أميم وصول
وما ينفع الظامي صداه بنظرة
إلى الماء ما منه لديه حصول
خليليّ هل يودى دمٌ قد أطلَّه
بمقلته أحوى أغنُّ كحيل
رماني بعينيه غزال له الحشى
على النأي لا ظلّ الأراك مقيل
عشية أودى بي الهوى وأرابني
من الركب إذ حثَّ المطيَّ رحيل
برغمي فارقت الذين أحبُّهم
فلي أنّةٌ من بعدهم وعويل
وما تركوا إلاّ بقية عبرة
يرقرقها وجدي بهم فتسيل
تُذيلُ دموعاً في الديار أُريقُها
نجومٌ لها في الغاربين أُفولُ
غداة وقفنا والنياق كأَنَّها
مرزّأة مما تحنُّ ثكول
فأنكرت أطلالاً لميٍّ غرفتها
وإنّي على علمي بها لجهول
نسيم الصَّبا ذكَّرْتَني نشوةَ الصبا
فهلْ أنت من ليلى الغداة رسول
تَنَسَّمتَ معتّلاً فلم أدر أيّنا
بظلّ نُسيمات الغُوَير عليل
متى أترك النوقَ الهجان كأنَّها
لها كلّما ضلَّ الدليل دليل
واتخذ البيد القفار أخلّةً
ولكن روضي بالعراق محيل
ولو كنت ممن يشربِ الماء بالقذى
رويت وفي ري الذليل غليل
عن الناس في عبد الغني لي الغنى
وكل صنيع ابن الجميل جميل
كريمٌ فأمّا العيش في مثل ظلّه
فرغدٌ وأمّا ظِلُّه فظليل
قريبٌ إلى الحسنى فلم يُرَ مثلُه
سريع إلى الفعل الجميل عجول
من الصيد سبّاق المقال بفعله
وقلَّ قؤولٌ في الأنام فعول
سأنزلُ آمالي بساحة باسلٍ
وما ضيمَ يوماً في حماه نزيل
به افتخرت بغداد وانسحبت لها
من الفخر في قطر العراق ذيول
علاقته بالمجد مذ كان يافعاً
علاقة صبٍّ ما ثناه عذول
غذته به أمُّ المعالي لبانها
وطابت فروعٌ قد زكت وأصول
فما اقتحم الأهوال إلاّ خطيرةً
تجلُّ، وما يلقى الجليلَ جليل
ولا راعه روعٌ فلانت قناته
فلا مسَّ هاتيك القناة ذيول
أرى كلَّ ضرّاء شكوناه ضرَّها
يزايلها في بأسه فتزول
على ما به من شدة البأس لم يزل
يذوب علينا رقةً ويسيل
ترقُّ لنا تلك الشمائل مثلما
ترقّ شمال أو تروق شمول
يحنُّ إلى يوم يثير غباره
صليل كما تهوى العلى وصهيل
يدير رحاها حيث دارت مثارة
شروبٌ لأبطال الرجال أكول
إذا صعبتْ دهياءُ في الأمر قادها
بأَمْرِ مطاعِ الأَمر وهي ذَلول
يقينا صروفَ النائبات كانَّه
لنا جبلٌ والعالمين تلول
ولولاه لم يخمد من الشرّ ناره
ولا سال للباغي النوال سيول
لك الله أمَّا أنتَ فالخير كلُّه
وأنتَ به لي ضامنٌ وكفيل
أنلتَ بما نوَّلت كلَّ مؤمّلٍ
فَعَلَّمْتَ صَوْبَ المزن كيف يُنيل
وإنّا على يأس الندى ورجائه
لنا منك رجّافُ العشّي هطول
وما فيك ما تعطي مَلالاً ولا قلىً
وغيرك إنْ سيمَ العطاء ملول
ولم تتحَّولْ عن خلائقك التي
جُبِلْتَ عليها والزمان يُحيل
فيا ليت شعري والخطوب ملمَّةٌ
وما بك عنّي في الخطوب غفول
إلامَ أحثُّ الجدَّ والجدُّ عاثر
وأرهفُ حدَّ العزمِ وهو كليل
وأطلبُ في زعمي من الدهر حاجةً
زماني بها حاشا علاك بخيل
وكيف يريني الدهر ما استحقُّه
وفضلي لدى هذا الزمان فضول
إذا نهضتْ بي همَّةٌ قعدتْ بها
على مضض فيما أراه خمول
وعندي قوافٍ لا يدنّسُ عرضها
لئيمٌ ولا يشقى بهنَّ نبيل
ظوامئ يطلبنَ الرَّواء بمهمهٍ
تطوف على أكفائها وتجول
تجنَّبتِ لاقوم اللئامَ فلم تبل
أَعانَ معين أمْ أراب خذول
متى اعترضهم بالأمانّي ضلّةً
ثناها وجيف عنهم وذميل
فما أَوْلَعَ الأَيامَ في جهلائها
وفي الناس أشباه لها وشكول
ولو أنَّها تصغي لعتبي أذقْتُها
وبال حديث في العتاب يطول
وما تنفع العُتبى وما ثمَّ منصف
أقول له ما أشتهي ويقول