انتقل إلى المحتوى

الميرزا علي الإحقاقي الحائري/09

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​الميرزا علي الحائري الإحقاقي​ المؤلف أحمد مصطفى يعقوب


وفاته

وكانت وفاته في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك ليلة السبت وكذلك ولد في ليلة السبت كما ذكرنا المصادف لليوم السّابع والعشرين منه سنة (1386 هـ.ق) على إثر سكتةٍ قلبية أصابته وهو يصلي في الحسينية (العباسية)، وشيّع جسده في موكب جليل قلّ نظيره، شارك فيه العلماء والخطباء والسّادات والوزراء والشّخصيات وعامة النّاس من أهالي الكويت وعدد غفير من أهالي الأحساء والبحرين وغيرهما من البلدان الّذين جاءوا إلى (الكويت).

ثمّ نقل جسده من (الكويت) إلى (كربلاء) بناءً على وصيّته، وتبعت جنازته أربعمائة سيارة دخلت إلى العراق من دون تفتيش أو تخريج جوازات وكان في أي مدينة يصلون إليها يوقفون النعش الشريف ويبتدؤون لعمل موكب العزاء له، ودفن وبعدها أقيمت مجالس العزاء العظيمة والكثيرة في ذكراه في إيران، وكربلاء، والكويت، والأحساء، وسوق الشيوخ، والبحرين، وسائر البلدان العربيّة.

واستمرّت هذه المجالس في المساجد والحسينيّات يومياً حتّى يوم الأربعين من وفاته.

ويقول الميرزا عبد الرسول وإنّي ما زلت أتذكّر ما حدث ليلة وفاة ذلك العالم الجليل، فقد كنت حينها في (تبريز) مغتمّاً بالحدث الجلل، حيث وصل خبر وفاته وانتشر في مدينة (تبريز) وضواحيها، وبوصل ذلك الخبر تغيّرت الأجواء بشكل مفاجئ فانهال النّاس إلى الشّوارع يعمّهم الحزن العميق والغم الشّديد فيما توجهت مجموعات من مقلّديه نحو مدينة تبريز وهي تبكي وتنوح وتلطم على الصدور، ممّا جعل اللّيلة في هذه المدينة تبدو وكأنها ليلة العاشر من محرّم، فتغيّرت أوضاعها، واجتمع المعزّون في (مسجد حجة الإسلام) المعروف باسم (چهل ستون) فامتلأ المسجد وضاق بالنّاس، حتّى أنّ بعض العلماء لم يجد له محلاً للجلوس فبقي واقفاً هناك.

وفي هذه الأثناء نوديتُ للرّد على الهاتف وما إن باشرت الحديث حتّى سمعت المتحدث - وكان واحداً من رجال الشرطة - يقول: أنا الملازم أوّل، رئيس شرطة آذربيجان، وقد أخبرت الأوضاع في مدينة (تبريز) قد تغيّرت، وفقدت المدينة استقرارها، وهي تعيش مصاباً جللاً بشكل لم يسبق له مثيل ويُنذر تقريباً بالخطر، في حين يتردّد على الألسن اسم أسرتكم (الإحقاقي). فأرجو إعلامي بحقيقة الأمر، فأنا قلق لهذا الحال ولا أدري ماذا عليّ أن أفعل، أخبرني بالّذي يجري!

فأجبته قائلاً: للأسف حدث مصاب عظيم، حيث توفّي عمّي الجليل، وهو أحد مراجع المسلمين الشّيعة الأجلاء في التّقليد.

وما تراه من انفعال واضطّراب وتجمّع الناس، إنّما هو وليد أحاسيسهم الدّينية الطّاهرة، وهي بعيدة تماماً عن السّياسية، فلا تقلق، وتأكّد أنّ هؤلاء الّذين أصيبوا بفقدان مرجعهم الجليل لن يخلّوا بالنظام أبداً، بل سيحافظون على النّظام والأمن في المدينة.

وحينها قدّم التّعازي لي وللأسرة والأصدقاء في هذا المصاب الجلل، ثمّ حضر إلى مجلس العزاء.