الكبائر للذهبي/الكبيرة الرابعة : في ترك الصلاة
الْكَبِيرَة الرَّابِعَة فِي ترك الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غياً إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل صَالحا} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَيْسَ معنى أضاعوها تركوها بِالْكُلِّيَّةِ وَلَكِن أخروها عَن أَوْقَاتهَا وَقَالَ سعيد بن الْمسيب إِمَام التَّابِعين رَحمَه الله هُوَ أَن لَا يُصَلِّي الظّهْر حَتَّى يَأْتِي الْعَصْر وَلَا يُصَلِّي الْعَصْر إِلَى الْمغرب وَلَا يُصَلِّي الْمغرب إِلَى الْعشَاء وَلَا يُصَلِّي الْعشَاء إِلَى الْفجْر وَلَا يُصَلِّي الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس فَمن مَاتَ وَهُوَ مصر على هَذِه الْحَالة وَلم يتب وعده الله بغي وَهُوَ وَاد فِي جَهَنَّم بعيد قَعْره خَبِيث طعمه وَقَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} أَي غافلون عَنْهَا متهاونون بهَا وَقَالَ سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون قَالَ هُوَ تَأْخِير الْوَقْت أَي تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا سماهم مصلين لكِنهمْ لما تهاونوا وأخروها عَن وَقتهَا وعدهم بويل وَهُوَ شدَّة الْعَذَاب وَقيل هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم لَو سيرت فِيهِ جبال الدُّنْيَا لذابت من شدَّة حره وَهُوَ مسكن من يتهاون بِالصَّلَاةِ ويؤخرها عَن وَقتهَا إِلَّا أَن يَتُوب إِلَى الله تَعَالَى ويندم على مَا فرط وَقَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله وَمن يفعل ذَلِك فَأُولَئِك هم الخاسرون} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المُرَاد بِذكر الله فِي هَذِه الْآيَة الصَّلَوَات الْخمس فَمن اشْتغل بِمَالِه فِي بَيْعه وشرائه ومعيشته وضيعته وَأَوْلَاده عَن الصَّلَاة فِي وَقتهَا كَانَ من الخاسرين وَهَكَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله الصَّلَاة فَإِن صلحت فقد أَفْلح وأنجح وَإِن نقصت فقد خَابَ وخسر وَقَالَ الله تَعَالَى مخبراً عَن أَصْحَاب الْجَحِيم {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر وَقَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين العَبْد وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة حديثان صَحِيحَانِ وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر حَبط عمله وَفِي السّنَن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله مُتَّفق عَلَيْهِ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَافظ عَلَيْهَا كَانَت لَهُ نوراً وبرهاناً وَنَجَاة يَوْم الْقِيَامَة وَمن لم يحافظ عَلَيْهَا لم تكن لَهُ نوراً وَلَا برهاناً وَلَا نجاة يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ فِرْعَوْن وَقَارُون وهامان وَأبي بن خلف وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ أما أَنه لَا حَظّ لأحد فِي الْإِسْلَام أضاع الصَّلَاة قَالَ بعض الْعلمَاء رَحِمهم الله وَإِنَّمَا يحْشر تَارِك الصَّلَاة مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْتَغل عَن الصَّلَاة بِمَالِه أَو بِملكه أَو بوزارته أَو بتجارته فَإِن اشْتغل بِمَالِه حشر مَعَ قَارون وَإِن اشْتغل بِملكه حشر مَعَ فِرْعَوْن وَإِن اشْتغل بوزارته حشر مَعَ هامان وَإِن اشْتغل بتجارته حشر مَعَ أبي بن خلف تَاجر الْكفَّار بِمَكَّة وروى الإِمَام أَحْمد عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله عز وَجل وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله تَعَالَى فِي الْإِسْلَام قَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا وَمن ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدين وَلما طعن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ الصَّلَاة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ نعم أما أَنه لَا حَظّ لأحد فِي الْإِسْلَام أضاع الصَّلَاة وَصلى رَضِي الله عَنهُ وجرحه يثعب دَمًا وَقَالَ عبد الله بن شَقِيق التَّابِعِيّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفر غير الصَّلَاة وَسُئِلَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن امْرَأَة لَا تصلي فَقَالَ من لم يصل فَهُوَ كَافِر وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ من لم يصل فَلَا دين لَهُ وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من ترك صَلَاة وَاحِدَة مُتَعَمدا لَقِي الله تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَقِي الله وَهُوَ مضيع للصَّلَاة لم يعبأ الله بِشَيْء من حَسَنَاته أَي مَا يفعل وَمَا يصنع بحسناته إِذا كَانَ مضيعاً للصَّلَاة وَقَالَ ابْن حزم لَا ذَنْب بعد الشرك أعظم من تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا وَقتل مُؤمن بِغَيْر حق وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ من ترك الصَّلَاة فقد كفر وَقَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ مثل ذَلِك وَقَالَ عون بن عبد الله إِن العَبْد إِذا أَدخل قَبره سُئِلَ عَن الصَّلَاة أول شَيْء يسْأَل عَنهُ فَإِن جَازَت لَهُ نظر فِيمَا دون ذَلِك من عمله وَإِن لم تجز لَهُ لم ينظر فِي شَيْء من عمله بعد وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى العَبْد الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت صعدت إِلَى السَّمَاء وَلها نور حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى الْعَرْش فتستغفر لصَاحِبهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَتقول حفظك الله كَمَا حفظتني وَإِذا صلى العَبْد الصَّلَاة فِي غير وَقتهَا صعدت إِلَى السَّمَاء وَعَلَيْهَا ظلمَة فَإِذا انْتَهَت إِلَى السَّمَاء تلف كَمَا يلف الثَّوْب الْخلق وَيضْرب بهَا وَجه صَاحبهَا وَتقول ضيعك الله كَمَا ضيعتني وروى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يقبل الله مِنْهُم صلَاتهم من تقدم قوماً وهم لَهُ كَارِهُون وَمن استعبد محرراً وَرجل أَتَى الصَّلَاة دباراً والدبار أَن يَأْتِيهَا بعد أَن تفوته وَجَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من جمع بَين صَلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا عَظِيما من أَبْوَاب الْكَبَائِر فنسأل الله التَّوْفِيق والإعانة إِنَّه جواد كريم وأرحم الرَّاحِمِينَ فصل مَتى يُؤمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ روى أَبُو دَاوُد فِي السّنَن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مروا الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبع سِنِين فَإِذا بلغ عشر سِنِين فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَة مروا أَوْلَادكُم بِالصَّلَاةِ وهم أَبنَاء سبع وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وهم أَبنَاء عشر وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع قَالَ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ رَحمَه الله هَذَا الحَدِيث يدل على إغلاظ الْعقُوبَة لَهُ إِذا بلغ تَارِكًا لَهَاوَكَانَ بعض أَصْحَاب الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يحْتَج بِهِ فِي وجوب قَتله إِذا تَركهَا مُتَعَمدا بعد الْبلُوغ وَيَقُول إِذا اسْتحق الضَّرْب وَهُوَ غير بَالغ فَيدل على أَنه يسْتَحق بعد الْبلُوغ من الْعقُوبَة مَا هُوَ أبلغ من الضَّرْب وَلَيْسَ بعد الضَّرْب شَيْء أَشد من الْقَتْل وَقد اخْتلف الْعلمَاء رَحِمهم الله فِي حكم تَارِك الصَّلَاة فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد رَحِمهم الله تَارِك الصَّلَاة يقتل ضرباً بِالسَّيْفِ فِي رقبته ثمَّ اخْتلفُوا فِي كفره إِذا تَركهَا من غير عذر حَتَّى يخرج وَقتهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَق بن رَاهْوَيْةِ هُوَ كَافِر وَاسْتَدَلُّوا بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر وَبِقَوْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الرجل وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة
فصل وَقد ورد فِي الحَدِيث أَن من حَافظ على الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة أكْرمه الله تَعَالَى بِخمْس كرامات يرفع عَنهُ ضيق الْعَيْش وَعَذَاب الْقَبْر وَيُعْطِيه كِتَابه بِيَمِينِهِ ويمر على الصِّرَاط كالبرق الخاطف وَيدخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَمن تهاون بهَا عاقبه الله بِخمْس عشرَة عُقُوبَة خمس فِي الدُّنْيَا وَثَلَاث عِنْد الْمَوْت وَثَلَاث فِي الْقَبْر وَثَلَاث عِنْد خُرُوجه من الْقَبْر فَأَما اللَّاتِي فِي الدُّنْيَا فَالْأولى ينْزع الْبركَة من عمره وَالثَّانيَِة يمحي سيماء الصَّالِحين من وَجهه وَالثَّالِثَة كل عمل يعمله لَا يأجره الله عَلَيْهِ وَالرَّابِعَة لَا يرفع لَهُ دُعَاء إِلَى السَّمَاء وَالْخَامِسَة لَيْسَ لَهُ حَظّ فِي دُعَاء الصَّالِحين وَأما اللَّاتِي تصيبه عِنْد الْمَوْت فَإِنَّهُ يَمُوت ذليلاً وَالثَّانيَِة يَمُوت جائعاً وَالثَّالِثَة يَمُوت عطشاناً وَلَو سقِِي بحار الدُّنْيَا مَا رُوِيَ من عطشه وَأما اللَّاتِي تصيبه فِي قَبره فَالْأولى يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه وَالثَّانيَِة يُوقد عَلَيْهِ الْقَبْر نَارا يتقلب على الْجَمْر لَيْلًا وَنَهَارًا وَالثَّالِثَة يُسَلط عَلَيْهِ فِي قَبره ثعبان اسْمه الشجاع الْأَقْرَع عَيناهُ من نَار وأظفاره من حَدِيد طول كل ظفر مسيرَة يَوْم يكلم الْمَيِّت فَيَقُول أَنا الشجاع الْأَقْرَع وصوته مثل الرَّعْد القاصف يَقُول أَمرنِي رَبِّي أَن أضربك على تَضْييع صَلَاة الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس وأضربك على تَضْييع صَلَاة الظّهْر إِلَى الْعَصْر وأضربك على تَضْييع صَلَاة الْعَصْر إِلَى الْمغرب وأضربك على تَضْييع صَلَاة الْمغرب إِلَى الْعشَاء وأضربك على تَضْييع صَلَاة الْعشَاء إِلَى الصُّبْح فَكلما ضربه ضَرْبَة يغوص فِي الأَرْض سبعين ذِرَاعا فَلَا يزَال فِي الأَرْض معذباً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما اللَّاتِي تصيبه عِنْد خُرُوجه من قَبره فِي موقف الْقِيَامَة فشدة الْحساب وَسخط الرب وَدخُول النَّار وَفِي رِوَايَة فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجهه ثَلَاثَة أسطر مكتوبات السطر الأول يَا مضيع حق الله السطر الثَّانِي يَا مَخْصُوصًا بغضب الله السطر الثَّالِث كَمَا ضيعت فِي الدُّنْيَا حق الله فآيس الْيَوْم من رَحْمَة الله وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُؤْتى بِالرجلِ فَيُوقف بَين يَدي الله عز وَجل فيأمر بِهِ إِلَى النَّار فَيَقُول يَا رب لماذا فَيَقُول الله تَعَالَى لتأخير الصَّلَاة عَن أَوْقَاتهَا وحلفك بِي كَاذِبًا وَعَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه اللَّهُمَّ لَا تدع فِينَا شقياً وَلَا محروماً ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرُونَ من الشقي المحروم قَالُوا من هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ تَارِك الصَّلَاة وَرُوِيَ أَنه أول من يسود يَوْم الْقِيَامَة وُجُوه تاركي الصَّلَاة وَإِن فِي جَهَنَّم وَاديا يُقَال لَهُ الملحم فِيهِ حيات كل حَيَّة ثخن رَقَبَة الْبَعِير طولهَا مسيرَة شهر تلسع تَارِك الصَّلَاة فيغلي سمها فِي جِسْمه سبعين سنة ثمَّ يتهرى لَحْمه حِكَايَة رُوِيَ أَن امْرَأَة من بني إِسْرَائِيل جَاءَت إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي أذنبت ذَنبا عَظِيما وَقد تبت مِنْهُ إِلَى الله تَعَالَى فَادع الله أَن يغْفر لي ذَنبي وَيَتُوب عَليّ فَقَالَ لَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا ذَنْبك قَالَت يَا نَبِي الله إِنِّي زَنَيْت وَولدت ولداً فَقتلته فَقَالَ لَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام اخْرُجِي يَا فاجرة لَا تنزل نَار من السَّمَاء فتحرقنا بشؤمك فَخرجت من عِنْده منكسرة الْقلب فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ يَا مُوسَى الرب تَعَالَى يَقُول لَك لم رددت التائبة يَا مُوسَى أما وجدت شراً مِنْهَا قَالَ مُوسَى يَا جِبْرِيل وَمن هُوَ شَرّ مِنْهَا قَالَ تَارِك الصَّلَاة عَامِدًا مُتَعَمدا حِكَايَة أُخْرَى عَن بعض السلف أَنه أَتَى أُخْتا لَهُ مَاتَت فَسقط كيس مِنْهُ فِيهِ مَال فِي قبرها فَلم يشْعر بِهِ أحد حَتَّى انْصَرف عَن قبرها ثمَّ ذكره فَرجع إِلَى قبرها فنبشه بَعْدَمَا انْصَرف النَّاس فَوجدَ الْقَبْر يشعل عَلَيْهَا نَارا فَرد التُّرَاب عَلَيْهَا وَرجع إِلَى أمه باكياً حَزينًا فَقَالَ يَا أُمَّاهُ أَخْبِرِينِي عَن أُخْتِي وَمَا كَانَت تعْمل قَالَت وَمَا سؤالك عَنْهَا قَالَ يَا أُمِّي رَأَيْت قبرها يشتعل عَلَيْهَا نَارا قَالَ فَبَكَتْ وَقَالَت يَا وَلَدي كَانَت أختك تتهاون بِالصَّلَاةِ وتؤخرها عَن وَقتهَا فَهَذَا حَال من يُؤَخر الصَّلَاة عَن وَقتهَا فَكيف حَال من لَا يُصَلِّي فنسأل الله تَعَالَى إِن يعيننا على الْمُحَافظَة عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتهَا إِنَّه جواد كريم فصل فِي عُقُوبَة من ينقر الصَّلَاة وَلَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وَقد رُوِيَ فِي تَفْسِير قَول الله تَعَالَى {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} أَنه الَّذِي ينقر الصَّلَاة وَلَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلاً دخل الْمَسْجِد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِيهِ فصلى الرجل ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ لَهُ ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل فَرجع فصلى كَمَا صلى ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل فَرجع فصلى كَمَا صلى ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ فِي الثَّالِثَة وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله مَا أحسن غَيره فعلمني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا ثمَّ اجْلِسْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا وَافْعل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا وروى الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ عَن البدري رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُجزئ صَلَاة لَا يُقيم الرجل فِيهَا صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَفِي رِوَايَة أُخْرَى حَتَّى يُقيم ظَهره فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهَذَا نَص عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَن من صلى وَلم يقم ظَهره بعد الرُّكُوع وَالسُّجُود كَمَا كَانَ فَصلَاته بَاطِلَة وَهَذَا فِي صَلَاة الْفَرْض وَكَذَا الطُّمَأْنِينَة أَن يسْتَقرّ كل عُضْو فِي مَوْضِعه وَثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَشد النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق من صلَاته قيل وَكَيف يسرق من صلَاته قَالَ لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وَلَا الْقِرَاءَة فِيهَا وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا ينظر الله إِلَى رجل لَا يُقيم صلبه بَين رُكُوعه وَسُجُوده وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِق يجلس يرقب الشَّمْس حَتَّى إِذا كَانَت بَين قَرْني شَيْطَان قَامَ فَنقرَ أَرْبعا لَا يذكر الله فِيهَا إِلَّا قَلِيلا وَعَن أبي مُوسَى قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِأَصْحَابِهِ ثمَّ جلس فَدخل رجل فَقَامَ يُصَلِّي فَجعل يرْكَع وينقر سُجُوده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترَوْنَ هَذَا لَو مَاتَ مَاتَ على غير مِلَّة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينقر صلَاته كَمَا ينقر الْغُرَاب الدَّم أخرجه أَبُو بكر بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مصل